موضوع: للفتيات. . كيف تختارين شريك الحياة ؟ السبت 11 أغسطس 2012, 2:42 am
لا تزال الإحصائيات الرسمية تطالعنا بأرقام مخيفة جداً ، ومؤسفة حقاً !! سواءً في ذلك إحصائيات الجريمة الأخلاقية ، وفي مقابلها إحصائيات العنوسة والطلاق والتفكك الأسري !! فكلا الأمرين يرتبط بعضهما ببعض !! فالجرائم الأخلاقية لها تعلق بحجم وتضخّم نسب العنوسة بين الفتيات ، وارتفاع ضحاياالطلاق !!
ولئن كانت ظاهرة العنوسة والعزوف عن الزواج من قِبل الفتيات ظاهرة يشترك في سببها المجتمع والبيئة وأولياء الأمور ، فإن محاولة الخروج بحلول ( مخففة ) أو ( قاضية ) على مشكلة العنوسة تحتاج إلى جهد ( جماعي ) تشترك فيه كل مؤسسات المجتمع وأفراد التوجيه فيه لكن يبقى أن دور ( الفتاة ) هو الدور الأعظم في سبيل حلّ قضيتها ، فالعلاج والخطط والأهداف إن علّقتها الفتاة بغيرها لم يصلح حالها كثيراً ، وقديما قالوا " ليس من يكويه ألم السياط كمن يعدّ عدد السياط " !! فعلى الفتاة الغيورة العفيفة أن تسعى ما أمكنها إلى أن تُخرج نفسها وبنات ثقافةها من هذاالمأزق الذي يحاصر - اليوم - فئة ليست بالقليلة من فتيات المسلمين ، وأن لا تعتمد وتركن في حلّ قضيتها إلى غيرها - على أن دور غيرها مهم وعظيم في سبيل الخروج من هذه الظاهرة - !! إنه في مثل : - هذه الأجواء المشحونة بالفتن والمغريات . . - وعزوف كثير من الفتيات عن الزواج . . - وتشدد كثير من الآباء وأولياء الأمور في المسارعة إلى تزويج بناتهم وفتياتهم . . - واختلال معايير التقويم عند الفتاة - سواء المعايير في تقديم الأولويات في شئون حياتها - أو اختلال المعايير في اختيار شريك الحياة . . لأجل هذا وذاك . . جاءت هذه الكتابة لتفتح للفتاة آفاقاً واعية في سبيل الوعي بالتخطيط الواعي لاختيار شريك العمر ..!! إذ أن الفتاة هي المسئولة في حق اختيار من تريد أن يكون شريك عمرها لأنها هي من تذوق حلاوة هذه الحياة أو تكتوي بنارها !!
في دراسة مسحيّة (شملت ( 310 ) من الفتيات بشأن الجهة المسئولة عن اختيارالزوج ؟! كانت النتيجة كالتالي : - أجابت ( 147 ) فتاة - أي بنسبة 47.4% - بأن الجهة المسئولة هي : الفتاة . - أجابت ( 143 ) فتاة - أي بنسبة 46.1 % - بأن الجهة السئولم هي : الوالدان !!
أولاً : عشر لافتات . . قبل أن تختاري شريك الحياة .
1 - الزواج شعيرة من شعائر الإسلام . . التي عظّمها الله ، وجعل عقد الزوجيّة ( ميثاقاً غليظاً ) . إدراك هذا الأمر باهتمام يدفعك إلى أن تُحسني الاختيار عند عتبة القرار .
2 - الزواج رزق مقسوم . والله قد كتب أرزاق العباد من قبل خلقهم . فكل إنسان رزقه في هذه الحياة مقدّر مقسوم . وفائدة إدراك هذا : أن لا تُشغل الفتاة ذهنها وتفكيرها وتكرّس كل شعورها وإحساسها في التفكير بالزواج ، ومتى يُطرق الباب ؟! الانتظار دائماً ما يُشعرنا بالإحباط واليأس . . لذلك لا تنتظري أن يُطرق الباب . . عيشي حياتك كما هي بالواقع الذي أنتِ فيه ، ولا تُؤجّلي متعتك إلى أمنية مجهولة الله أعلم متى تكون .
3 - الزواج بقدر ما هو سكن وارتياح ففيه مسؤوليات وتكاليف وتبعات . فالأحلام الوردية ، والخيال المخملي للزواج قبل الزواج قد لا يكون حقيقة بعد الزواج ، ولذلك ينبغي على الفتاة أن تدخل الحياة الزوجية وهي على وعي بطبيعة هذه الحياة . فالزواج مشروع جاد لابد فيه من الاستعداد لتحمّل المسئولية والصبر على أدائها .
4 - لا تجعلي وضعك الاجتماعي والنّفسي هو الذي يختار الزواج نيابة عنك . فبعض الفتيات ربما تعيش وضعاً اجتماعيّاً أو نفسيّاً فيه نوع من المشقة والعنت ، فتتخيّل الفتاة أنه ليس لها من حل إلا ( الزواج ) . . ولذلك هي توافق على أول من يطرق بابها دون النّظر إلى اعتبارات حسن اختيار شريك الحياة .
5 - حسن الاختيار نقطة الارتكاز . فحسن الاختيار القائم على الأسس والاعتبارات الحقيقية ، يعطينا مؤشّر من استشراف مستقبل العلاقة بين الطرفين . لذلك .. تذكري أن ( نقطة حسن الاختيار ) هي النقطة التي ترتكز عليها مستقبل العلاقة بينك وبين شريك حياتك فأحسني الاختيار .
6 - الحياة الزوجية فيها من المسؤوليّة والتبعات ما يغنيها عن أن نضيف إليها مسؤوليات جديدة ! فالبعض من الفتيات الطّيبات لظرف أو لآخر ، يمكن أن تتساهل او تتنازل عن بعض الاعتبارات المهمّة في شريك الحياة ، فهي تتنازل على أمل أنها تغيّره إذا ارتبطت به . والواقع أن الحياة الزوجية يحوطها ما يكفيها من التحدّيات من أن ندخلها ونحن نحمل معنا مسؤوليات إضافيّة نحن في غنىً عن حملها ونقلها إلى حياتنا الجديدة .
7 - النقص والقصور صفة لازمة للبشر . فلا تجهدي نفسك بالبحث عن رجل كملت له خلائقه وصفاته . بل اجتهدي على طلب صاحب الدين والخلق ابتداءً لأنهما ينموان ويزيدان مع الإنسان بخلاف أكثر الخصال الأخرى فإنها عرضة للنقص والزوال والتغيّر .
8 - التأسيس العقلي أو التأسيس العاطفي . دائماً القرار المستند على التأسيس العقلي أنضج من القرار المستند على التأسيس العاطفي . لا تتعجلي في قرار الزواج ممن ارتبطتي به عاطفيّاً قبل الزواج . العاطفة حجاب ( العقل ) ، احرصي على أن تتخذي قرارك وأنتِ غير ماسورة بقيد ( العاطفة ) .
9 - المقياس والحكم في حالات الزواج للواقع والأغلب والنادر لا حكم له . فقد تتزوج فتاة دميمة بأحسن الرجال ونحو ذلك ، لكن هذا لا يعتبر مقياساً للفتاة التي تشابهها في الصفات فتتأخر في قبول الخطّاب انتظاراً لزوجٍ كمثل زوج صديقتها التي تشاركها في بعض وصفها وصفتها .
10 - من ابتلاها الله تعالى بولي أمر يتعنّت في تزويجها . إما بالمغالاة في مهرها أو صدّ الخطاب عنها طمعاً في مرتبها ، أو رغبة في شهرة على حساب ابنته ، فمثل هذه الفتاة الوصية لها : - الصبر والدعاء . - الاجتهاد في إقناع ولي أمرها بضرورة الزواج واستخدام في ذلك من يكون له تأثيرا على ولي أمرها كـ ( والدتها - عمها - أخوالها - إمام الحي ... ) . - التنازل لوالدها عن بعض راتبها حتى بعد الزواج .
الفتاة وشروط الزواج
قضيّة الشروط في الزواج قضية مهمّة وحسّاسة جداً ، واهمية ذلك يدور في كون أن الشروط هي باب ( اتخاذ الأسباب ) في حسن الاختيار . ويجدر التنبيه مرة أخرى إلى أن ( حسن الاختيار ) يكاد يكون هو ( النقطة المركزيّة ) التي يمكن من خلالها استشراف مستقبل العلاقة بين الطرفين على وجه التقريب .
ماذا تشترطين في شريك حياتك ؟!
شروط الفتاة في شريك العمر . . يمكن تقسيمها إلى قسمين
القسم الأول : الشروط الأساسيّة .
وهي الشروط التي لا تقبل التنازل ما لم تكن موجودة في الخاطب . وهما شرطان أساسيان عليهما يُؤسّس الاختيار : - حسن التديّن . - حسن الخُلق . وأصل هذا قول الله تعالى : " وأنكحوا الأيامى منكم والصّألحين من عبادكم وإمائكم " فالصلاح ( معرفة وسلوك ) . والله تعالى قد قال في أصل كفاءة الناس : " يا أيهاالناس إن خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم " . والتقوى ( معرفة وسلوك ) . وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " . لاحظي أختي العفيفة .. كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا النص اشار إلى أهمية حسن الاختيار وتأسيس الاختيار على أساس متين ، وان التساهل في تأسيس الاختيار على أساس متين يجرّ على الفتاة وربما أهلها ( فتنة وفساداً ) . والأساس المتين هنا هو التأسيس على أن الكفاءة بين الزوجين تبدأ من هنا : - حسن التديّن . - حسن الخُلق . والنص علّق الفلاح بالمفهوم على مجموع الأمرين لا على أحدهما .
كيف يُعرف حسن التديّن في الشاب . ؟
صفة الاسلام يشترك فيها كل المسلمين على حدّ سواء ( كاشتراك في الوصف ) . لذلك يمكن أن يكون معيار معرفة ( تديّن ) الخاطب بـ : 1 - البعد عن البدع المنكرة والمذاهب والأفكار الضالة المنحرفة . 2 - المحافظة على الشعائر الظاهرة سيما ( الصلاة ) فإن النبي صلى الله عليه وسلم جعلها كالهوية للمسلم . " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " وهي النور والبركة . " والصلاة نور " . 3 - السمت والارتياح الإيماني . 4 - الاستعداد للتغيير والطموح الإيماني . 5 - العمل التطوعي ( الاجتماعي ) . هذه خمسة معايير يمكن قياسها والسؤال عنها في الخاطب للوقوف ( إلى حدّ التقريب ) على ( حسن التديّن ) عند الشاب الخاطب .
كيف يُعرف حسن الخُلق في الشاب ؟
حسن الخلق يُعرف في الإنسان بمعرفة بـ : 1 - السؤال عن سلوكه واخلاقه في حالين : الحال الأول : حال الرضا والفرح والهدوء . الحال الثاني : حال الغضب . كيف يكون في حال الرضا وحال الغضب مع : - أبويه . - إخوانه وأخواته . - جيرانه . - من معه في عمله .
2 - البعد عن المنكرات الاجتماعية الظاهرة والكبائر المنكرة كالإدمان والزنا والعلاقات المحرمة .
3 - أهم الأخلاق لاتي يجدر الحرص عليها في الشاب : أ - الأمانة . ب - المسؤوليّة . جـ - الكرم . د - الصّدق .
هذه ثلاثة معايير لتقييم ( حسن الخُلق ) في الخاطب . ومما يجدر التنبيه عليه : أن الناس تختلف في مقاييس ومعايير ( حسن التديّن وحسن الخُلق ) ولذلك جاء النص بقوله : " من ترضون دينه وخلقه " ولم يقل : صاحب الدين كذا وكذا وصاحب الخلق كذا وكذا . قال ( من ترضون ) ليجعل هناك مساحة يتحرّك فيها الناس تبعاً لظروف الواقع والمجتمع . غير أن هناك حدّاً لا يجدر تجاوزه في حسن التديّن وهو ( حد الإسلام والمحافظة على الصلاة ) وحدُّ لا يجحدر تجاوزه في حسن الخُلق وهو ( البعد عن الكبائر الظاهرة والأخلاق المنفّرة كالكذب والبخل والتفريط وعدم المسؤوليّة ) .
القسم الثاني من الشروط : الشروط الاعتباريّة .
وهي الشروط التي لا ينبغي تجاهلها والتغافل عنها وعدم اعتبارها والنظر إليها سيما مما يكون له أثر على عامل ( الاستقرار ) في العلاقة بين الطرفين . ويندرج تحت هذه الشروط اعتبار : - الاعتبار الجغرافي ( الاقليمي ) . - الاعتبار الثقافي . - الاعتبار المادي . - الاعتبار العاطفي . - الاعتبار الخَلْقي . - الاعتبار النسبي . - الاعتبار ( الحسبي والمكانة الاجتماعيّة ) . - الاعتبار العُمري . - الاعتبار الصحّي . - موقف أهل الفتاة . - موقف أهل الخاطب . هذه ( 11 ) اعتبارا مهماً ينبغي أن تُؤخذ بعين الاعتبار والنّظر ، لكن حظّها من النظر لا ينبغي أن يكون بصورة حدّيّة تطرّفيّة . ففيا مساحة للمرونة والتساهل والتنازل . والفرق بين قسمي الشروط أن الفتاة في الشروط الاعتباريّة يمكنها أن تتحرك بمرونة ( فتتساهل أو تتنازل ) عن بعض شروطها في هذه الاعتبارات تبعاً للمصلحة . بعكس الشروط الأساسيّة فإن المصلحة في توفّرها .
لفتات مهمّة للتوازن والموازنة :
1 - لا يوجد على وجه الأرض إنسان بجسد بشري وروح ( ملائكيّة ) . فمهما كان في الرجل من صفات جميلة فهو لا يزال ( بشراً ) ويحمل معه رصيداً من العيوب . 2 - حسن التديّن مع حسن الخُلق الأساس الذي يُؤسّس عليه غيره . 3 - الاختيار الذي تكثر فيه النقاط المشتركة بين الطرفين أفضل وأولى . فالتشابه بين الطرفين 3 - الاختيار الذي يحظى بقبول الطرفين وفي نفس الوقت يحظى برضا أهالي الطرفين أفضل من الاختيار الذي يفقد رضا أحد هذه العناصر . 4 - الاختيار الذي يحظى بموافقة أهلك ورضاهم أسلم لك - غالباً - وأرفق بك . 5 - الاختيار الذي لم يسبقه تعلّق عاطفي أفضل من الاختيار المحفوف بالتعلّق العاطفي . 6 - الاختيار المسبوق بتعلّق عاطفي وتوفّر فيه أساس حسن الاختيار الارتباط به - ولو بالتنازل أو التساهل في بعض الاعتبارات - أفضل من الارتباط بغيره ولو اشتركت معه في نقاط أكثر منه . لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لم يُرَ للمتحابين مثل النكاح " . وهي ليست دعوى للحب قبل الزواج ، بل هو حل ( علاجي وقائي ) لحادثة ربما قد تحصل . فقد يقع حب بين طرفين لقرابتهما أو لجيرة بينهما أو لزمالة في دراسة أو نحو ذلك . 7 - الفارق العمري المقبول بين الزوجين من ( 3 - 10 سنوات ) من جهة الرجل . وهناك حالات يمكن أن يكون الفارق العمري ( كبير ) بين الطرفين ويقبل لمصالح أخرى .
( مثال ) كان تكون فتاة تعيش اضطهاداً في بيتها من أبيها فعاشت محرومة من حنان أبيها ، فقد يتقدم لها من هو أكبر منها بأكثر من عشر سنوات فيكون لافارق هنا مقبول نظراً لواقعها ( النفسي ) لا لواقعها الاجتماعي .. فهي نفسيّاً تحتاج إلى من يحنو عليها ويعوّضها عن حنان الأب ، وهذا مما قد لا يتوفّر فيما لو كان الخاطب قريباً من عمرها . 8 - المراحل العمريّة بالنسبة للفتاة كالتالي : - من البلوغ وحتى ( 18 ) سنة : كلما حرصت على كثرة النقاط المشتركة ( بينها وبين الخاطب ) أفضل لها من التعجّل في التنازل أو التساهل عنن بعض شروطها ( الواقعيّة ) .
- من بعد ( 18 ) وحتى ( 25 ) سنة : يمكن أن تتنازل عن بعض الشروط المحببة إليها مع التمسّك ببعض الشروط المعقولة .
- من بعد ( 25 ) وحتى ( 30 ) سنة : الأنسب لها القناعة في الشروط وعدم الاكثار منها . الرضى ببعض العيوب في الزوج والتي لا تتطلب تنازلاً من الفتاة عن بعض حقوقها من مثل الرضى بمن هو أقل منها تعليماً أو تقبل بمعدّد .
- من بعد الثلاثين : وتخشى على نفسها المعصية : في حقها المرونة في الشروط ينبغي أن تكون أكبر . التنازل عن بعض حقوقها الشرعيّة أمر وارد .
9 - الاختيار الهروبي . يعتبر اختياراً متهوّراً . الفشل إليه أقرب من النجاح . الهروبي : الفتاة التي تبحث عن الزواج فقط للزواج هروباً من واقعها .
10 - لا تتعجلي في التنازل . وإذا تنازلت فلا تتنازلي إلاّ وأنتِ مدركة لعواقب الأمور وعندك الاستعداد لتحمّل التبعات .
لماذا تتنازل الفتاة ؟!
ليس بالضرورة أن يكون التنازل عيباً ، فبعض الفتيات ربما تقسو على نفسها وتتمسّ: ببعض شروطها حتى لا يُعاب عليها أنها تنازلت أو تُعاب أنها ما تنازلت إلاّ لكون ما هي فيه يعتبر عيباً يستحق معه أن تتنازل . التنازل هو ( حل ) لا أكثر من ذلك .. الأسباب أو الظروف التي تجعل الفتاة تتنازل : - أن تخشى على نفسها الفتنة والمعصية . - كونها ليست بكراً لأي سبب كان . - وجود إعاقة صحيّة . - تعيش في بيت متأزّم نفسيّا واجتماعيّاً . - أن تكون وحيدة أبويها وليس لهم غيرها . - تعمل في وظيفة مختلطة . - لا تريد ان تترك عملها .
فالفتاة التي يكون بها وصف أو صفة أو أي صارف للخطّاب عنها من مثل ما ذُكر فهذه لا يشملها التقسيم السابق للمراحل العمريّة ، بل واقعها : أن تضيف ما بين ( 4 سنوات - 10 سنوات ) - بحسب ما فيها من الصفات أو الصوارف التي تصرف الخطّاب - إلى عمرهاالحقيقي ثم تنظر إلى التقسيم السابق ، فمثلاً : من كان عمرها ( 19 ) عاماً حكمها حكم من كان عمرها ( 23 - 29 ) سنة ، وهكذا .
الفتاة . . واتخاذا لقرار .
ربما يأتي إذا صليت فــــــــي جنح المساء ربما يأتي إذا صعّــــــــــــــــــدت لله الدعاء ربما يأتي إذا رجرجت فـــــــــي عيني دمعه أو إذا أُشعلت في ليل الحزانى ضوء شمعه آه .. كم يشتاق بابـــــــــــــي نقرات من يديه وجداري الساهم الظمآن كــــــــــم يهفو إليه خلف بابي ألف حلم يخنق الوهـــــــم صداها ألف غصن يحرق الجدب براعيــــــم صباها فارسي الموعود يا حلمي ويا فجري الظمي أذرعي تدعوك من خلف الضباب المــــــعتم كم على صدر ظنوني البيض نقلــــــت خُطايا كم زرعت الغيب والمجهـــول بحثاً عن فتايا كم تراءى لي وكم قبّلت فــــي الصمت جبينه وحنيني كم مشى في التيــــه يستجدي حنينه الفراغ الجهم من حولـــي وأحلامي الشهيده وبقايا وردة في حجــــــــــــــرتي ماتت وحيده غير أني خلف قضباني ســـــــــــدعوه طويلا ربما صادفت فيه فــــــــــــــارسا شهماً نبيلا ربما ينسل من خلف مجاهيل الصــــــــــــدى ليدق الباب دقّات رقيقات الصـــــــــــــــدى !!
لا يكفي بنيّتي أن تتوفّر في الخاطب شروطك لتتخذي قرار الارتباط به . بل يبقى عليك الآن أن تبدئئ الخطوات العمليّة للتثبّت وتحديد مسار القرار إمّا القبول أو الرفض . ولتحديد مسار القرار ثلاث خطوات :
الخطوة الأولى : الإستخارة . وهذا الأدب العظيم يربينا عليه الرسول صلى الله عليه وسلم في حسن التعلّق بالله واللجأ إليه . وهكذا ينبغي أن يكون خلق المؤمنة في كل شأن من شئون حياتها حين تهمّ بالأمر أن تفزع إلى الذي خلقها وصوّرها وقدّر عليها قدرها .. تفزع إليه تستخيره فيما أهمّها ، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه الاستخارة في أمورهم كلها .
* كيفيّة الاستخارة : يقول جابر رضي الله عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول : إذا هم أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي، في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال : عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي، في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أوقال : في عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به. قال : ويسمي حاجته.
* ملاحظات مهمّة في الاستخارة . - الاستخارة لها ركعتين غير ركعات الفريضة . ولا تجزئ الاستخارة بعد الفريضة أو بعد نافلة ما لم تنوِ الاستخارة في الرّكعتين . - إذا احتجت إلى الاستخارة في وقت نهي ، فإن أمكن التأجيل إلى وقت الإباحة فهو خير ، وإن كان ما تريدين الاستخارة فيه يفوت بالانتظار فاستخيري في وقت النهي . - إذا منعك مانع من الصلاة - كالحيض - فانتظري حتى يزول المانع ، فإن كان الأمر الذي تستخيرين له يفوت ، فاستخيري بالدعاء دون الصلاة . - إذا كنت لا تحفظين دعاء الاستخارة فاقرأيه من ورقة أو كتاب ، والأولى أن تحفظيه . - يجوز أن تجعلي دعاء الاستخارة قبل السلام من الصلاة - أي بعد التشهد - كما يجوز أن تجعليه بعد السلام من الصلاة . - إذا لم يتبين لك الأصلح فيجوز أن تكرر الاستخارة . - لا يستخير أحدُ عن أحد .
* فائدة الاستخارة : للاستخارة فوائد عظيمة مردّها وأهمّها هذه الثلاث : 1 - البراءة من الحول والقوة إلاّ بالله تعالى . 2 - الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم . وهذا الاقتداء سبب من اسباب التوفيق . لأن الله وصف أنبيائه بقوله : " أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده " فبيّنت الآية أن الإقتداء سبب من اسباب الهداية في كل أمر يقتدي به الإنسان فيه بالنبي صلى الله عليه وسلم . 3 - الاطمئنان النّفسي والوقاية من التسخّط أو الجزع . فإن الإنسان حين يتخذ قراره بدون استخارة ، وقدّر الله أنه لم يوفّق في مستقبل أيامه بما اختاره لنفسه فإن هذا الإخفاق ربما حمله على التسخّط والندم والحسرة . لكن الذي يتخذ قراره من بعد استخارة حتى ولو سارت الأمور على عكس ما كان يتوقّع فإن الاستخارة ستشكّل عنده نوع من صمام الوقاية ودافع للرضا والاطمئنان فالمؤمن لا يندم على أمر استخار الله تعالى فيه .
* علامة الاستخارة .
البعض يظن أن علامة الخيرة ( رؤيا ) يراها في منامه ، أو يحدث تغيير كوني كأن ينزل في ذلك اليوم مطر أو نحو ذلك . والواقع أن النصّ أرشدنا إلى علامة واضحة في علامة ( القبول أو عدمه ) . وذلك أن الذي يستخير الله تعالى يقول في دعائه : "اللهم إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذا الأَمْرَ – ويسميه – خَيْرٌ لي في دِيني وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاقْدُرْهُ لي وَيَسِّرْهُ لي ثُمَّ بَارِكْ لي فِيهِ. وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذا الأَمْرَ شَرٌّ لي في دِيني وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِيَ الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ". فالعلامة : هي ( اليسر والتيسير ) في القبول . و ( الصرف والانصراف ) في عدم القبول . يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : فإذا استخار الله كان ما شرح له صدره وتيسر له من الأمور هو الذي اختاره الله له. أ.هـ"مجموع الفتاوى" (10/539) . جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على أن علامات القبول في الاستخارة انشراح الصدر , لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث: " ثم انظر إلى الذي سبق إلى قلبك فإن الخير فيه " أي فيمضي إلى ما انشرح به صدره وشرح الصدر : عبارة عن ميل الإنسان وحبه للشيء من غير هوى للنفس , أو ميل مصحوب بغرض .
نعم قد ترى الفتاة في منامها رؤيا تستأنس بها وتعرف بها علامة الخيرة ، لكن لا يصحّ التعويل دائماً على الرؤى ، وانه لابد أن تحصل رؤيا بعد الاستخارة .
الخطوة الثانية : الاستشارة .
وهذا خلق النبيين فقد أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم - مع أنه أكمل الخلق رأيا ورشدا وعقلا وحكمة - بقوله : " وشاروهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله " فالمرأة العاقلة من تضيف إلى عقلها عقولاً وإلى رايها آراءً ، وعليها في الاستشارة : - أن لا تستشير إلا من كان أهلاً للمشورة من أهلها وصديقاتها أو معلماتها .، - وأن لا تعرض أمرها على من لا ينصحها أو يكون دال خير لها . أو من تظن أنه ربما أساء إليها حسداً ونحو ذلك . - وعليها في استشارتها أن تكون متوازنة بين نظرين : نظر الاستشارة ونظر الكتمان ، فقد جاء في بعض الآثار : " استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان " !!
الخطوة الثالثة : السؤال عن الخاطب .
السؤال عن المتقدم ( الخاطب ) . وهذه من مهمّة ولي الأمر ( فيالعادة ) ، فعلى وليّ الأمر أن يجتهد في السؤال عن من تقدم لابنته أو لأخته أو لمن كان وليّاً لها .
أخيّة . . من أهم ما يُدخل البركة على حياة الزّوجين في مستقبل ايّامهما ( الصّدق والوضوح ) . فقد جاء في الأثر : " فإن صدقا وبيّنا بورك لهما " وإن كان النصّ ورد في سياق عقود البيع . إلاّ أن ذلك يشمل على وجه الولى عقد ( الأبضاع ) . لكن ها هنا نقطة مهمة في الصّدق والوضوح .. وهي أن : - الوضوح لا يعني ( الفضيحة ) وكشف المستور من العورات . فإن بعض الفتيات قد يبتليها الله تعالى بذنب أو خطيئة تابت منها وندمت عليها . فلا يجدر بها أن تكشف الأمر لخاطبها . لن هذه الأمور مبنيّة على السّتر . و الله " ستّير " يحب الستر . - قد تكون الفتاة تعاني من بعض الأمراض المزمنة والتي لها أثر على مستقبل العلاقة بين الطرفين . ومثل هذا من العيوب التي ينبغي أن تصارح بها خاطبها ليكون على بيّنة من أمره .
وبعد أن تستخيري وتستشيري وسأل وليّك عن المتقدم ( الخاطب ) فالوصية لك " فإذا عزمت فتوكّل على الله " أيضا حتى عند الإقبال والموافقة ينبغي أن تحسني توكلك على الله وأن لا يلهينك عن حسن التوكل مدح المادحين في الخاطب أو نحو ذلك .
أختي الفاضلة . . . . ليهنك ما اخترتِ . . بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينك وزوجك على خير .