احداث دنشواى الصُغرى و المحاكم المخصوصة

احداث دنشواى الصُغرى و المحاكم المخصوصة
احداث دنشواى الصُغرى و المحاكم المخصوصة

بدأت أحداث دنشواى الصغيرة فى أصيل يوم 27 مارس 1887 عندما توجه ضابطان من جيش الاحتلال " الاحتلال الإنجليزى لمصر " من لواء ويلز لصيد السمان فى الحقول المتاخمة لأهرامات الجيزة .

وأثناء الصيد أصاب الرش بعض الأهالى الذين تصادف مرورهم على ظهور الجمال . فتوجهوا نحو الضابط المعتدى فحاول منحهم بعض البقشيش ولكنهم رفضوا محاولة الاسترضاء ودارت بين الطرفين مشادة حامية هجم أثنائها الفلاحون على الضابط لانتزاع البندقية من يده ولكن دفعة من الرش انطلقت واستقرت فى رأس أحد الفلاحين فأردته قتيلاً .

وسرعان ما طار الخبر إلى أهالى قرية الكنيسة فهرع أهل القرية الى موقع الحادث وانقض أهل القتيل على الضابطين فأطلق أحدهما بندقيته فأصابت أشخاصاً آخرين ولكن الأهالى تغلبوا عليهما واقتادوهما الى القرية حيث انهالوا عليهما ضرباً . ثم تدخل الخفراء لحماية الضابطين حتى وصول رجال البوليس واطلقوا سراحهما .

وبمجرد وصول أنباء الحادث الى علم السلطات البريطانية توجه كولز باشا نائب مفتش عام البوليس على رأس مفرزة من رجال البوليس العلنى والسرى وقاموا باعتقال 45 شخصاً من مشايخ وأهالى القرية اشتبه فى اشتراكهم فى الحادث .

وعقد نوبار باشا رئيس الوزراء ووزير الداخلية اجتماعاً طارئاً حضره وزير الخارجية ومدير الجيزة وشفيق بك منصور نائب المدعى العام لدى المحاكم الأهلية للتشاور فيما ينبغى عمله لاسترضاء سلطات الاحتلال .
واستقر الرأى على أن يعهد بالقضية الى محكمة مخصوصة تشكل من مدير الجيزة ونائب المدعى العام وضابط انجليزى كان يشغل منصب الملحق العسكرى .

ورغم أن تقرير الطب الشرعى عن تشريح جثة الفلاح القتيل قد أسفر عن وجود سبع عشرة رشة فى رأسه مما يدل على أنه أصيب من مسافة قريبة جدا ..
إلا أن السلطات لم تبحث فى مسؤلية الضابطين القاتلين ولم توقع عليهما أى عقاب ..!

وانتهت المحاكمة بإدانة ستة من الأهالى من مشايخ القرى فحكم على المشايخ بالسجن والغرامة وعلى الأهالى بالسجن والجلد عدد يتراوح بين 25 و50 جلدة بواسطة " القطة الإنجليزية " وهى تختلف عن الكرباج المصرى المصنوع من الجلد المزدوج ويضرب به على الرجلين والإليتين ..أما القطة فلها تسعة أفرع فى كل منها عقدة والضرب بها على الظهر .

وبعد أن تم تنفيذ أحكام الجلد ألقى قائد لواء ويلز كلمة قصيرة قال فيها :
" ان الإنجليز حضروا الى مصر لحماية الأوربيين بالإضافة الى حماية الوطنيين وإنهم بذلوا دمائهم فى سبيل هذا البلد وتملؤهم الرغبة فى حفظ النظام فيها ..لذلك فلو وقعت اضطرابات اخرى فان المتسببين فيها سيلقون عقاباً أشد مما لقيهم المحكوم عليهم " .


يعلل الدكتور محمد جمال الدين المسدى فى كتابه عن دنشواى إحالة القضية الى محكمة مخصوصة بعدة أسباب :
منها عدم الثقة فى إمكان خضوع المحاكم الأهلية للضغط واصدار أحكام فيها ترضية كافية لسلطات الإحتلال .
..كما كان يفترض أن تتعرض تلك المحاكم لمسؤلية الضابطين عن الحادث , مما يجعل المحاكمة عامل إثارة ضد الإحتلال البريطانى فى مصر .
*** يضاف الى ذلك أن سلطات جيش الإحتلال كانت تصر على أن تلقى الخناقات بين المصريين وأفراد جيش الإحتلال معاملة خاصة تكفل السرعة والشدة فى توقيع العقاب ؟؟.

نقلاً بتصرف عن " نظرات فى تاريخ مصر " جمال بدوى .

هل هناك أسباب مختلفة عن ذلك لتقديم مدنيين لمحاكم عسكرية الآن ؟
منقول