موضوع: بين الخوف والفوبيا السبت 11 أغسطس 2012, 2:05 am
• الخوف والفوبيا كلمتان يخال قارئهما أو السامع بهما أنهما وجهان لعملة واحدة ألا وهي عدم الإحساس بالأمن ،فالفوبيا هي الابنة الشرعية للخوف، وهي بذرته التي يقذفها في رحم حياة أحدنا لتصبح علقة القلق فمضغة التشاؤم، فعظاماً ، فلحماً ، فجسدا مكتملا من التوقع والترقب للكوارث • الفوبيا هي الشكل المرضي لإحساس طبيعي هو الخوف، كما وأن الخوف يعكس وجود الكائن الحي على قيد الحياة والشعور، فإن الفوبيا تعكس وجود اضطراب في هذا الشعور وفي الوجود.
• هناك أمور قد يُتفق على أنها من بواعث الخوف لدي بني البشر باختلاف درجات ذاك الخوف وباختلاف ترتيبها وتسلسل قواها وحدتها من شخص لآخر لكن العجيب أن تخاف من أشياء يفترض أنها من أساسيات الوجود وربما هنا تحديدا تتجلى ماهية ما يسمى بالفوبيا أو الرهاب. فاحدهم يخشى الماء الذي جعل منه كل شيء حي، فيطفئ به حريق، وتروى به أحياء، فتصوره تلك الفوبيا أنه هو ذاته المسبب وبقطرة منه بالغرق حتى لو كانت تلك القطرة من ريق الإنسان نفسه .ويقول آخر أن الحب الباعث على السعادة والمفضي إلى الحبور والتأمل والتعمق والتمتع وخلق كل ما هو جميل هو ذاته الباعث على الغم من الفراق والخوف من الفشل وعدم التقبل أو الخيانة .. إنها، أي الفوبيا، توصل بعض معتقليها للخوف من الحياة، كونها تنطوي على الهموم، وتحمل بالصعاب وتلد بالمشقات والنوازل وغيرها من الأوهام التي قد توصل احدهم إلى شفا الانتحار، فكيف يخشى الحياة من هو حي أصلا ؟ بل كيف يحيا ؟وهل نعتبر أمثاله أحياء؟ • (الخوف موت قبل الموت،و لكل شيء في الخوف لون أسود) أدونيس • الإنسان بطبعه مجبول على الخوف من المجهول كونه لا يعلم ما يُحمل له في جعبته، ومن الجديد ، لأنه غير معتاد عليه، ومن الأماكن العالية خشية السقوط، ومن التقدم للإمام خشية التقهقر إلى الخلف .. يخشى البعض الأحلام كونها دائمة الاصطدام بالواقع ولكونها دائمة المطالبة بحقها في التحقق .يخشى بعضنا المشي خشية التعثر، ومع أن كل تلك المخاوف مبررة إلا أنها لا تثني أناس بعينهم من التقدم للإمام نحو الحلم وتحققه ..نحو الجديد حتى لو كان مجهولا ونحو المجهول حتى لو كان جديدا ،فشره يصقلهم ويخرج أفضل ما لديهم، وخيره يسعدهم ويفاجئهم ويشعرهم بالامتنان والحماس للمواصلة والتقدم خطوة نحو الأعلى حتى مع احتمالية السقوط، فبدون تلك الخطوة سيعيشون ابد الدهر بين الحفر وسيتقدمون خطوة نحو الأمام حتى مع احتمالية العودة للوراء، فالعودة نحو الخلف قليلا تعني لديهم الاستفادة من التجارب السابقة، والمقارنة فقط للتعلم، فهم لا يعيشون على ذكرياتهم إلا لتعلم وليس للتألم والتأنيب، فالتعثر ليس إلا بداية النهوض .. إنهم الأحياء حقا .