الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر | 
 

 الضحك فلسفة وفن

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Mustafa Ebrahem
.:: مشرف ::.
Mustafa Ebrahem


معلومات العضو

الضحك فلسفة وفن  Empty
مُساهمةموضوع: الضحك فلسفة وفن    الضحك فلسفة وفن  Icon_minitimeالخميس 09 أغسطس 2012, 8:24 pm

يقول ( مارسيل بانيول) في ختام رسالته عن الضحك .... قل لي : مم تضحك .؟ أقل لك : من أنت .؟
ومعنى هذا أن الضحك يمكن أن يكون مقياسا للحكم على الشخص وتقييم أبعاده
الشخصية وقيمه الأخلاقية ... باعتباره النافذة التي يقذف الإنسان من خلالها
بكل ما في أعماقه ,من ثقافة ومعرفة من كبت وتحضر ... من قيم ومباديء , من
رؤية للمجتمع وموقف من الحياة !!
وإذا كانت القوانين المفسرة للشخصية تتمثل فيما يسميه ( ايزنك ) بأبعاد
الشخصية وكان البعد الأول لأي شخصية من الشخصيات يتكون من الانطواء
والانبساط... ويتكون البعد الثاني من الميل إلى الأعصاب ... والبعد الثالث
من الميل إلى الذهان أو المرض العقلي .., أما البعد الرابع والأخير فيتمثل
في الذكاء وسرعة البديهة , وكانت هذه الأبعاد الأربعة كما يقول ( ايزنك)
كافية للكشف عن معظم النواحي المتباينة في الشخصية ــ فإننا نستطيع أن
نعتمدعلى ما يقوله ( ايزنك) في أن نعرف إلى أي مدى تؤثر الحالة الوجدانية
أو الاتجاه الوجداني لدى الإنسان على نوع استجابته للظروف الخارجية ,ذلك
لأن الضحك إنما يتوقف من ناحية على الحالة المزاجية التي يوجد فيها الإنسان
لحظة استجابته للضحك , كما يتوقف من ناحية أخرى على سمات الشخصية التي
تحدد مدى تذوقه للفكاهة وإحساسه بالنكتة وإدراكه للموقف الكوميدي .
فالضاحك المسرور قد يكون سروره زهوا بنفسه واحتقارا لغيره ...., وقد يكون
هذا السرور فرحا بغيره دون أن ينطوي على عنصر الزهو بالنفس والاحتقار (
للغير ) . والضاحك الساخر قد يكون ضحكه من نقائص الآخرين , لأنه يستريح إلى
وجود هذه النقائص في غيره لا في نفسه , وقد يكون ضحكه من هذه النقائص
تنفسيا عن شعور برفضها سواء في نفسه أو في الآخرين .
كذلك قد تكون استجابة الإنسان للضحك منطوية على مزاج اللهو واللعب والدعابة
والمرح .. وقد تنطوي استجابته على النظرة الواقعية للأمور والاستجابة
الجادة للمثيرات كافة .
فإذا انتقلنا من الفرد إلى الجماعة وعدنا إلى تقسيم ( ايزنك) لأبعاد
الشخصية وجدناه يفرق بين السمة وبين النمط . فهو ينظر إلى نظام الشخصية
نظرة بنائية طبقية :
الطبقة الأولى أو الدنيا للسلوك تتكون من الاستجابات العادية التي تتكرر
كثيرا في مقابل الاستجابات النوعية , وبعض هذه الاستجابات العادية تتجمع ,
لتكون مجموعة مستقلة داخل الشخصية , ويطلق على هذه المجموعة اسم ( السمة )
وتمثل السمة شكلا من أشكال تجمع الميول والرغبات , والسمات بدورها تتجمع في
شكل أبنية أعم وهذه الأبنية تكون الأنماط : فالنمط إذن
يتكون من مجموعة منظمة من السمات , كما أن السمة تتكون من مجموعة منظمة من الاستجابات العادية غير النوعية ...
أو بعبارة أخرى فإن النمط يمثل العامل العام , وتمثل السمة العامل الطائفي .., أما الاستجابة العادية فإنما تمثل العامل الخاص
وهذا معناه أن ظاهرة الضحك لدى الجماعة إنما تتوقف على مجموعة من العوامل
الاجتماعية : بمعنى أن تذوق الفكاهة والتعبير عنها والمشاركة فيها يتوقف
على مجموعة السمات الشخصية والأنماط العامة التي تغلب على أفراد الجماعة
حتى في داخل المجتمع ..
وليس أدل على ذلك من جمهور المسرح أو الجمهور في المسرح : فالجمهور لا يضحك
دائما بالطريقة نفسها كما أنه لا يضحك دائما للأسباب نفسها ... ذلك لأن
استجابات الجمهور تختلف باختلاف آدابه العامة وأنماطه السلوكية وطريقته في
الضحك : فإذا شاهدت المسرحية الكوميدية عدة طوائف اجتماعية , بل طائفة
اجتماعية واحدة في عدة مناسبات مختلفة ــ اختلفت استجابة هذه الطوائف لهذه
المسرحية أو هذه الطائفة الواحدة لذات المسرحية في كل مناسبة من المناسبات
..
وقد دلتنا ملاحظة ظاهرة الضحك على جمهور المسرح أن بعض الفئات الاجتماعية تساعد على ارتفاع نسبة النكات الثقافةية
والفكاهات الفاضحة , كما تساعد بعض الفئات الاجتماعية الأخرى على اطلاق
النكات الذكية البارعة والقفشات الحادة الواعية , هذا في الوقت الذي قد
تستجيب فيه بعض الفئات للموقف الكوميدى بالقهقهة العالية .. وتستجيب لذات
الموقف فئات أخرى بالابتسامة الهادئة أو الفاترة : على أن الملاحظ عموما في
تصنيف أنواع الضحك أن النكات الثقافةية والتوريات الفاضحة ــ إنما تتبادل
بين أشخاص متقاربين في العمر وفي المستوى الاجتماعي , وأنها أكثر انتشارا
بين الأوساط التي تدمن المخدرات وتتعاطى الخمور وخاصة المهنيين والحرفيين
والتجار والصناع , كما أن النكات السياسية التي تنطوي على النقد الاجتماعي
واللذع الأخلاقي , وتتسم بالبراعة والذكاء ــ إنما تتبادل في أوساط
المثقفين والمشتغلين بالصحافة والإعلام , أما النكات الاجتماعية التي تنطوي
على التهكم والسخرية ولا تخلو من الشماتة والعداوة فلا يتم تبادلها إلا في
الأوساط المقهورة أو التي ينتابها الشعور بالغبن الاجتماعي , كما في أوساط
الموظفين والمدرسين وحملة المؤهلات المتوسطة ! هذا في الوقت الذي تشيع فيه
النكات العدوانية والقفشات الحافلة بمعاني الغضب والانتقام بين الطبقات
العاملة على وجه الخصوص .
وفي البلاد التي ينقسم أهلها إلى مدنيين وقرويين أو إلى ريف وحضر , نجد أهل
الحضريسخرون من أهل الريف , ويطلقون عليهم نكات التهكم والسخرية
والاستخفاف وخاصة عندما يوجدون في عطلاتهم بالمدينة مرتدين أفخر ما عندهم
من ثياب , والعكس صحيح عندما يزور أهل الحضر القرية لتمضية العطلات وإجازات
نهاية الأسبوع وسط أهالي القرية كما السياح , فيتناولهم القرويون بنكات
السخرية وتلميحات الازدراء التي تكشف عن استهجانهم لما هم فيه من تبرج
وإباحية وفرنجة سواء في المظهر الخارجي أو في السلوك العام !
وفي المجتمعات التي يغلب عليها الصراع الطبقي حتى تبدو فيها الثنائية واضحة بين الطبقة الكادحة والطبقة البرجوازية ــ
نجد أن الطبقة الكادحة تتخذ من الفكاهة والضحك سلاحا للتشهير بالطبقة
البورجوازية , والاستخفاف بعاداتها وتقاليدها , وأنماطها السلوكية بوجه عام
... بل إنها تتفنن في إطلاق النكات التي تكشف من خلالها عن زيف هذه الطبقة
وعدم مشروعية طرائقها في الكسب وأساليبها في الاستغلال ...
فإذا انتقلنا من الفرد والمجتمع إلى الأمم والشعوب استطعنا أن نقول مع
الفيلسوف ( هنري برجسون ) إنه إذا كان الضحك ملكة إنسانية من طرفيها ...
بحيث لايضحك إلا إنسان .. ولا شيء يضحك إلا إذا كان إنسانيا في صورة من
صوره وكان الإنسان لايضحك وهو بعد قريب من أطوارالحيوانية في حكم الغريزة
وغلبة العادة على التفكير .. وهو ما يلاحظ في القبائل البدائية والجماعات
الهمجية التي لا تفهم الضحك ولا تميز بين أنواع المضحكات لاستغراقها في
التفكير الآلي الذي يغلب عليه العرف المتوارث ويهيمن عليه شبح المحارم أو
المحرمات نقول : مع ( برجسون ) إنه فيما عدا هذا الطور من أطوار الهمجية
الذي تعيشه القبائل البدائية فإن الشعوب جميعا تعرف الضحك .وتفهم أنواع
المضحكات , وتستجيب للنكتة والفكاهة والموقف الكوميدى ...
وإذا كان بعض الباحيثن المعاصرين قد ذهبوا إلى وصف بعض الأمم بالفكاهة
وتجريد بعضها من هذه الصفة .. أو وصفوها ببطء الإحساس في النكتة وقلة
الاستجابة للفكاهة .. وفقدان روح المرح .. وخاصة عند مقارنتها ببعض الأمم
الفكاهية أو الضاحكة ــ فإن الثابت الذي لا شك فيه عن جميع الأمم كما يقول
العقاد في رسالته عن ( جحا الضاحك المضحك ) إنها أخرجت نوابغ الفكاهة في
جميع أجيالها.. وإنها في العصر الحاضر تمثل الفكاهيات وتعرضها على جمهرة من
أبنائها , فلا توجد أمة متحضرة لها تاريخ قديم خلت من نوابغ الفكاهة , ومن
آثار هؤلاء النوابغ في الآداب والفنون .
على أننا إذا كنا قد تناولنا ظاهرة الضحك من أبعادها الأربعة وهي البعد الفسيولوجي
ثم البعد السيكلوجي
ثم البعد السوسيولوجي
وأخيرا البعد الأخلاقي
أو ما سميناه بأخلاقيات الضحك ...
فإن هذه الأبعاد جميعا إنما تشكل بعد الذات ..
أو الإنسان الضاحك دون أن تتجاوزه إلى بعد الموضوع أو الشيء المضحك .. فإذا تناولنا هذا البعد الأخير حتى تكتمل لنا
الدائرة .. كان هذا معناه العبور إلى الضحك نفسه ... أو فنون الضحك : أعني الانتقال إلى(استاطيقا)الضحك .
للوقوف على جماليات هذه الظاهرة .. والتعرف على عناصرها الجمالية من قانون تكوين النكتة إلى أسس إطلاق الفكاهة .
إلى عناصر تأليف الموقف الكوميدي .. إلى غيرها مما يدخل في صناعة الضحك .
============
توقيع : Mustafa Ebrahem
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
MR.GHoST
.:: عضو متميز ::.
MR.GHoST


معلومات العضو

الضحك فلسفة وفن  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الضحك فلسفة وفن    الضحك فلسفة وفن  Icon_minitimeالجمعة 10 أغسطس 2012, 12:14 am

تسلم ايدك موضوع جميل
توقيع : MR.GHoST
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

الضحك فلسفة وفن

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 

 مواضيع مماثلة

-
» فلسفة حمار
» قصة جميلة جدآ جدآ ( فلسفة الوجود )
» نكت تهلق من الضحك
» كركاتير تموت الضحك
» رسائل تموت من الضحك
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات كراكيب :: المنتديات العامة :: منتدى الادب والفنون-