MR.GHoST.:: عضو متميز ::. معلومات العضو
| موضوع: كيف تصبح أكثر سعادة؟ الإثنين 05 مارس 2012, 7:58 pm |
| كيف , أكثر , تصبح , سعادة؟
كيف تصبح أكثر سعادة؟
كيف تصبح أكثر سعادة؟ عندما تقرأ كتاب كيف تصبح أكثر سعادة .. للأستاذ هارفارد تالبن شاهار تدرك أنه كما قال إبراهام لينكولن من قبل: السعادة هي اختيار شخص إما اتخذته أو أعرضت عنه, ولكن من أجل تفعيل القرار يجب أن تتعلم كيف تفهم نفسك وكيف تحدد أهدافك بما يسعدك أنت, وكيف تشاطر هذه السعادة مع غيرك فتنعكس عليك بدورها. يبدأ الكاتب في سرد الأحداث التي أدت إلي تفكيره في مفهوم السعادة بشكل جدي حتي وصل إلي أن أصبح تحديد مفهومها وكيفية تحقيقها هدف حياته ومحور عمله .. كان في السادسة عشرة من عمره عندما استطاع الفوز ببطولة إحدي البطولات الرياضية في بلاده.. ولأن الفوز كان هدفه الأسمي حينذاك والذي ظل يسعي إليه حثيثا.. وأرهق نفسه ولذلك بذل جهده لتحقيقه ظنا منه أنه بذلك سشيعر بسعادة قصوي تملأ ذلك الفراغ النفسي الذي لازمه لفترة.. شعر بالفعل لدي فوزه بسعادة غامرة, ولكن ما حدث عقب ذلك جعله يتوقف ويعيد التفكير في حياته كلها.. فقد أعقب السعادة الكبري بالفوز شعور آخر بالخواء وكأنه يقول لنفسه : هل كان الأمر يستحق كل العناء والحرمان, ماذا بعد وكيف أستمر علي هذه السعادة التي سرعان ما قلت حدتها؟
وبعد سنوات من البحث عرف الرجل أين الخلل, وفي كتابه يعطي مثالا يقسم البشر إلي أصناف أربعة إذا ما فهمناها واستطعنا التفريق بينها اتضح لدينا طريق السعادة التي فطر الله الناس ليسيروا عليه.
أين أنت من هؤلاء؟ من أجل تصور الأنماط الأربعة يضرب الكاتب المثال بأربعة أنواع من شطائر الهامبورجر.. الشطيرة الأولي مليئة بالدهون المشبعة وما لذ وطاب من الإضافات التي تعطي المرء إحساسا بالسعادة والمذاق الرائع لدي متناولها, ولكنها تدمر صحته في المستقبل, وهذا النوع من البشر هو النموذج الآتي Hedonist وهو الذي يبتغي السعادة في ملذات ومباهج الحاضر والاستكثار منها بدون التفكير في المستقبل أو عودتها.. وهذا الإنسان مهما تخيل أنه سعيد إلا أنه يعد أبعد ما يكون عن درب السعادة.. وفي هذا الصدد يضرب الكاتب مثلا برواية نطاق الشفق.. الكلاسيكية التي تحكي قصة مجرم شرير كانت الشرطة تطارده حتي اطلقت عليه الرصاص فمات.. فإذا به يقابل ملكا من الملائكة.. فاستغرب الرجل لأنه يقابل ملائكة الجنة رغم أنه كان يعرف مقدار شره ومكره وعمله السيئ.
فقال له الملاك تمن أي أمنية نحققها لك علي التو.. فتمني الرجل المال والطعام الشهي والنساء.. إلي آخر الملذات وكلما أراد شيئا تحقق له علي الفور.. وبعد فترة شعر الرجل بخواء وتعاسة ووحدة رهيبة.. ولم يعرف كيف يفسر الأمر رغم غرابته.. فإذا به يطلب من الملاك أن يغير له مكانه.. فهو لم يشعر في تلك الجنة رغم طلباته المستجابة سوي بالفراغ والوحدة والتوهان.. وقال للملاك: اذهب بي إلي المكان الآخر يقصد جهنم.. فأنا لم أجد السعادة.. فإذا بالملاك وجهه يتحول ويبتسم ابتسامة ماكرة قائلا: أنت في المكان الآخر! هذه القصة رغم قصرها فإنها بالغة الدلالة والعبقرية. فاللذة أو المتعة التي لا يبذل فيها جهد, وحيث غياب الهدف والتحدي وألفة البشر مهما يكن هناك من نعيم هي عين العذاب. وهكذا حال الساعي وراء ملذات اللحظة والذي لا يفكر في المستقبل ولا يحدد أهدافا يحققها ولا يتحدي نفسه.. سرعان ما يشعر بالتعاسة والفراغ النفسي.. فمشكلة هذا النوع أنه يضع علي قدم المساواة العمل والألم, وعلي جانب آخر المتعة اللحظية والسعادة الدائمة.. وهو ما أثبتت الدراسات والخبرات البشرية عدم صحته.. وكما قال جون جاردنر ـ وزير الصحة الأمريكي السابق نحن خلقنا للتسلق لا للتريض فحسب.. علي عكس النموذج السابق هناك من يشبهه الكاتب بشطيرة البرجر النباتية البحتة التي لا يشعر آكلها بأي نوع من المتعة أثناء تناولها وكأنه يتناول قطعا من الورق من فرط انعدام المذاق, ولكنه يعلم أنها ستعود علي صحته في الأمد البعيد بالنفع. وهذا النموذج شائع للغاية لدي الناجحين في كل مكان.. وعلي هذا المنوال الخاطئ نربي أبناءنا للأسف الشديد ويطلق علي هذا الصنف Rat Racer أو النموذج اللاهث. فنحن نشأنا ونربي أولادنا منذ أيام الدراسة علي أن أهم مقياس في الحياة هو تحقيق الدرجة النهائية في الامتحان, ولا نولي اهتماما لاحساس الطفل بالتجربة واستمتاعه بمفردات الحياة حوله أو حتي المادة الدراسية, وقد يحصل الطفل علي تلك الدرجة, ثم علي التفوق نفسه في الجامعة ثم ينتقل هدفه إلي الحصول علي تلك الوظيفة ثم تلك الترقية ثم تلك التي تليها, وفي كل مرة يهيأ للشخص أن السعادة القصوي هي في الهدف القادم, وبالفعل قد يشعر بنوع من اليوفوريا, ولكنها تشبه من يحمل حملا ثقيلا فيتركه أو يشعر بصداع فيتناول عقارا. فالشعور الذي يتخيل المرء أنه سعادة ما هو إلا الارتياح المؤقت عند ذهاب الهم والتوقف المؤقت لسلسلة التوتر, وسرعان ما يذهب الشعور ويشعر المرء بالخوار وعدم الرضا .. فتبدأ سلسلة أخري من اللهاث وراء شيء قد يمنحه الحصول عليه هذا الشعور مرة أخري.. وهكذا. ولكن ينسي الإنسان أنه خسر الاستمتاع برحلة الوصول .. فالمهم هو الرحلة وليس الوصول إلي المحطة فحسب .. والسعادة الحقيقية لا تتأتي لهذا النوع من البشر. النوع الثالث يشبه شطيرة الهامبرجر التي لا مذاق لها ولا تحمل فائدة مستقبلية.. وهي نموذج بائس للبشر الذين يعيشون في الماضي, وهو النموذج العدمي Nihilism الذي استسلم لأفكار سلبية اكتسبها من الماضي.. فلا هو ينفق ما يسعده حاليا ولا يبحث عن أوجه شغف جديد.. ولا هو يجد في نفسه طاقة للنظر إلي هدف يتحداه وحققه, وبالطبع هو شخص بالغ التعاسة.. ولسنا لهذه التعاسة خلقنا.
النموذج الرابع: هو النموذج الذي تبتغيه.. النموذج الذي يشبه الشطيرة التي يخلو مذاقها في الحاضر وتقدم النفع والصحة في المستقبل.
الحياة السعيدة الاسلوب الرابع في انتهاج الحياة.. هو أسلوب الحياة السعيدة .. وهو الذي يناقض تلك الأساليب الثلاثة السالف ذكرها, وهو ما يغفل عنه الكثير من الناس للأسف. ويشير الكاتب إلي الاحصائيات التي تقول بأن ثلث المراهقين في الولايات المتحدة الأمريكية يعانون بدرجة أو أخري من الاكتئاب والذي يفتح أبواب ما يظنه الناس بدائل يلوذون بها كالمخدرات والعقاقير والفكر المتطرف.
القاعدة الاساسية التي تنبني عليها سنوات من السعادة الحقيقية هي أن يضع الإنسان دائما نصب عينيه كل مراحل حياته أهدافا يحققها ويؤمن بجدواها.. فبدون وجود هدف يحدث الخواء الذي تحدثنا عنه.. والهدف قد يكون بسيطا وقصير الأجل مثل شراء شيء ما.. أو مرحليا كتحقيق النجاح في مرحلة ما.. أو طويل الأمد فيما يتعلق بالآمال الكبيرة, ولكن مهما اختلف الهدف فيجب مراعاة قاعدتين أساسيتين .. القاعدة الأولي هي انتقاء ما يتماشي مع الشغف الأساسي للإنسان ـ والقاعدة الثانية هي الاستمتاع بكل مفردات وخطوات الوصول إلي هذا الهدف.
ويحكي الكاتب عن تجربة شخصية له قام فيها بمرافقة بعض رهبان التبت إلي رحلة تسلق لجبال الهيمالايا.. وفي حين كان ــ وهو في عمر الشباب ــ يتصبب تعبا وإرهاقا أثناء الصعود لأن تركيزه كله كان علي إنجاز المهمة, وصل الرهبان إلي النقطة نفسها التي وصل هو إليها, ولكن بيسر وخفة لأنهم رغم تركيزهم علي الهدف لم ينسوا الاستمتاع بكل ما حولهم والتواصل معا طوال الطريق.
من المؤكد أن وجود هدف هو أحد أركان السعادة, ولكن هناك شروطا أساسية تساعد علي خلق حالة من الامتلاء النفسي والرضا أثناء السعي لتحقيق هذا الهدف.. منها أن يرتبط بالآخرين والعلاقات المتداولة بين المرء ومن حوله.. وبالتواصل والتنمية والمساعدة أكثر من ارتباط الهدف بمجرد تحقيق ثروة أو جاه أو شهرة.. ومنها أن يتماشي مع ميول الشخص الأساسية ولا يقلل من قدراته ولا يعوقها بشكل يصل إلي التعجيز.
ومن أجل تحديد الهدف الذي يبتغيه الإنسان.. يعرف علماء النفس تقنية يطلقون عليها إكمال الجملة الناقصة وهي أسلوب استحدثه ناثان براندون.. الطبيب النفسي الشهير لمساعدة الناس علي فهم حقيقة ما يريدون.. وفيها يقوم الإنسان بإكمال عدد من الجمل الناقصة بسرعة وبدون تفكير لإخراج ما في عقله الباطن وبتأمل إجاباته يمكن انتقاء أحلامه وأهدافه أو علي الأقل الاقتراب منها ومن هذه الجمل: الأشياء الخمسة التي تسعدني هي: * لو كنت أكثر صدقا مع نفسي لكنت فعلت * لو كنت أكثر وعيا سأفعل * لو أردت أن أقول نعم أو لا لخمسة أشياء لكانت * أكثر الأمور التي احترمها في الحياة هي وهكذا.. ولكل جذر جملة يتم الإجابة بأكثر من نهاية ثم التأمل فيها وانتقاء ما يتقاطع منها معا. التأمل والعادات كذلك يشير الكتاب إلي نقطة بالغة الأهمية في مجال الاستمرارية علي طريق تحقيق السعادة, وهي جزئية يعرفها جيدا علماء النفس خصوصا بآلية التغيير. فأي هدف يتطلع إليه الإنسان يتطلب شيئا من العمل لتحقيقه وهذا في ذاته تغيير في نمط السلوك بالزيادة أو النقصان.. وهنا يقول علماء النفس إنه من أجل استمرار هذا التغيير وإحداثه نوعا من الطمأنينة والسعادة لصاحبه يجب أن يحوله الإنسان إلي عادات أو طقوس.. فمثلا إذا كان الهدف هو بداية ممارسة رياضة جديدة والتفوق فيها .. يجب أن يتحقق ذلك من خلال مواعيد ثابتة في أوقات بعينها وأماكن بعينها .. وإذا كان الهدف الدراسة فيجب أن تأتي المذاكرة في شكل طقوس اعتيادية, فذلك النظام والترتيب من شأنهما إنجاز المهمة, وفي الوقت ذاته خلق نوع من الثقة والطمأنينة لدي صاحبه.
والخلاصة: أن أفضل أنواع التغيير الذي يخلق سعادة يأتي من خلال خلق عادات.. المهم هنا هو ألا يتم إقحام أكثر من عادة أو اثنتين علي حياة المرء في الوقت ذاته, وإنما يتم ادخال المزيد من العادات كلما أصبح القديم منها جزءا من حياة الإنسان.
وهنا يشير أيضا إلي أهمية اكتساب عادتين من شأنهما بث الهدوء النفسي والسعادة لدي الإنسان.
أولاهما هي عادة التأمل والمقصود بها أن ينتقي الإنسان مكانا هادئا في نصف ساعة يوميا يجلس فيه جلسة مريحة ويركز نظره علي نقطة بعيدة في هدوء بعيدا عن صخب الناس, ثم يبدأ في الاستنشاق بعمق والعد من واحد إلي خمسة قبل أن يتم اخراج النفس ببطء.. وأيضا وفي هذه الاثناء عليه ألا يفكر سوي في النفس الداخل يمزيد من الأكسجين إلي كل جزئية من جسده .. ثم استحضار التجارب السعيدة والتفكير فيها أثناء هذه العملية التأمل بهذه الطريقة كفيل بأن يخلص الإنسان من الضغوط والتوتر.
العادة الثانية هي ما يطلق عليه علماء النفس مصطلح العرفان والشكر وذلك قبل أن تخلد إلي النوم.. وهي استحضار بعض الأشياء التي أسعدتك وأشعرتك بالامتلاء النفسي في فترات سابقة والتفكير في شعورك في أثنائها ثم استحضار الأشياء التي حققت الشعور نفسه أثناء النوم مهما بدت بسيطة ومهما بدت امرا مسلما به.. كابتسامة طفل أو رؤية شيء جديد أو سماع كلمة جميلة.. وكلما ركز المرء في الشعور بالعرفان والشكر لوجود هذه الأشياء في حياته ويومه شعر بسعادة أكبر .. وكلما شارك المرء أهدافه وأحلامه الدوائر الانسانية حوله كان أكثر سعادة.. وفي المجالات الثلاثة الأهم في حياة الإنسان وهي التعليم والعمل والعلاقات الإنسانية.
يحاول الكاتب تطبيق هذه القواعد حتي يحيا الإنسان حالة صدق مع نفسه.. فيحب ما يعمل ومن حوله ويعمل ما يحب.
السعادة والتعليم أول التطبيقات التي يتناولها الكتاب للأطر السابقة في تحقيق السعادة هو فيما يتعلق بالتعليم, ويشير في البداية إلي الكتاب الشهير الذكاء الاجتماعي الذي كتب فيه دانييل جولدمان أن كل الدراسات تؤكد أن النجاح لايمثل الذكاء فيه سوي عشرين في المائة فقط كمكون أساسي, أما الثمانون في المائة الأخري فلأسباب أخري منها الذكاء الاجتماعي, وينتقد الكاتب الأسلوب الذي تتبعه المدارس في تحفيز الأطفال في المراحل الدراسية والذي يركز فقط علي التقيير طبقا للدرجات النهائية في الدراسية ولا يغرس في الأطفال مفهوم أهمية الاختيار وانتقاء المناسب لكل منهم والاستمتاع بحيوية الأداء والتجرية, فتكون النتجة هي أننا نساهم في تحويل أجيال متتابعة إلي نمط لهاث الفئران وهم ينمون بين يدينا. أهم نقطة تناولها الكاتب في هذا القسم هو تقنية FIOW التي تبنتها عالمة النفس ميهالي تيسنمالي في تحقيق التجربة التعليمية المحققة لأكبر قدر من الإفادة والسعادة والتي تعتبر نموذجية لتربية أطفالنا, وللأجيال الأخري الأكبر سنا أيضا. تنفيذ FIOW التي يجب أن يتبناها القائمون علي التعليم بداية تؤكد أن وجود هدف أو غاية شيء أساسي من أجل الإنجاز والسعادة أثناء التعليم, ولكن في الوقت ذاته ليس صحيحا ما توارثته الأفكار أن أكبر مكسب في التعليم لا يتحقق إلا بتعمد الألم ونكران الذات, وهذا ما تبرزه تقنيةFIOW التي تربط ما بين مستوي المهارة لدي الشخص ودرجة صعوبة المهمة أو المادة التعليمية وكان مستوي المهارة أو القدرة لا يتناسب ويقل كثيرا عن المطلوب, أدي ذلك إلي إصابة الطالب بالقلق والتوتر المستمر وهذا بدوره يداخله في حالة اللهاث الخائف دوما ولا يحقق له السعادة في التعليم بالتالي إلي قمة الإنجاز, علي الجانب الآخر, إذا ما تهاون القائمون علي التعليم في إمداد الطالب بمواد أومهمات تتناسب مع قدراته العملية والإنسانية وتقل عنها فهذا يدخله في نطاق الشعور بالملل وفقدان الإحساس بالتحدي أو الرغبة في إنجاز غاية ما, فالمبالغة بشكل عام ـ ظنا منا أن من شأنها أن تسعد أبناءنا ـ في إزالة أي مصدر بذل جهد أمام الطفل تحرمه من التجربة الحقيقية لتحقيق السعادة والتي لا يمكن اختصار خطواتها, هذه الخطوات تتضمن بذل الجهد والكفاح والإنجاز.
الخلاصة هي أن الحد الأمثل من السعادة والإنجاز الدراسي في الوقت ذاته أو تقنية FIOW تؤكد أن القائمين علي التعليم يجب أن يقدموا لكل طفل علي حدة وبحسب تكونيه الشخص وميوله وقدارته المهام التي تتوافق وتتساوي مع تلك القدارت, بحيث لا تقل عنها فتصيبه بالملل وتحرمه من الرغبة في التحدي والإنجاز, ولا تزيد عن قدراته فتكبله طوال مراحل دراسته بالتوتر والقلق والخوف. وينهي الكاتب هذا القسم بتوصيات وخواطر بالغة الأهمية. الخاطرة الأولي هي أنه كما قال الفيلسوف والاقتصادي القديم آدم سميت: المشاعر الإنسانية من فرح وحزن هي أكبر عنصر مساواة بين البشر, لذلك لا تقس علي نفسك إذا ما شعرت بشيء من الحزن ولا تكن كغالبية المرضي النفسيين من الأغنياء الذين يلومون أنفسهم إذا ما لم يشعروا بالسعادة القصوي في بعض الأحيان لأن المجتمع يضغط عليهم ولا يعطيهم عذرا للشجن, فشيء من الحزن أو السكون لابد وأن يلم بأي شخص في فترة من حياته, المهم عدم الاستسلام له والتعامل بإيجابية, تذكر أنك إنسان وأعط نفسك فرصة وهامشا لأي مشاعر حتي تأخذ مجراها, ولكن علي الجانب الآخر حاول الاستفادة من أي مصاعب تقابلها واسال نفسك الأسئلة التالية بعد كل محنة: هل استفدت درسا؟ هل أصبحت أكثر احتمالا من ذلك قبل وأكثر قوة؟ هل أصبحت أكثر تقديرا للحياة أو لأمور بعينها من ذي قبل؟ ضع نصب عينك هدفا هو أنك لن تسمح لمحنة أو مأساة أن تذهب هباء بدون أن تجعل منك إنسانا أفضل, وتذكر أنه لا يمكن منع الصعاب ولكن يمكنا أن نطوعها لنجد فيها ما يفيد.
التوصية التي ينتهي بها هذا القسم هي أن أكثر الأشخاص نجاحا هم الذين يتعلمون طوال الوقت, مها يكن سنك أو وضعك الاجتماعي, ضع نصب عينك كل حين وآخر شيئا آخرا تتعلمه وقسم ذلك إلي قسمين, الأول تعليم يتصل بمجال عملك ويفيدك في هذا الصدد والآخر لحياتك الشخصية وبناء نفسك ولا تنس في هذا الصدر القاعدتين الأكثر أهمية في بناء السعادة: انتق ما تجد فيه شغفا وما تحبه لتدرسه وتعامل مع ذلك التعليم كتغيير يجب إدماجه في حياتك عن طريق تحويله إلي عادة بتوقيت واستمرارية.
السعادة في العمل يقول عالم النفس ريتشارد هاكمان إن كل صاحب عمل قادر علي جعل موظفيه سعداء في عملهم عن طريق أمور ثلاثة: أن ينتقي لكل موظف المهمة التي تخرج كل طاقاته, وأن يوكل المهمة متكاملة للشخص لا يجتزئها, وأن يعطي الانطباع للموظف بأن عمله ممها يكن صغيرا فإن له أكبر الأثر علي الآخرين في محيط العمل. ولكن لأن الرياح لا تأتي دائما بما تشتهيه السفن ليس من قبيل العموم أن يوجد مثل هذه الأنواع من أرباب العمل, والسعادة في هذا المجال تأتي من نقطة البداية وهي الاختيار, وينصح الكاتب الإنسان عندما ينتقي عملا بأن يبدأ بتخيل ثلاث دوائر, الأولي: الأشياء التي يجد فيها المرء هدفا ومعني في حياته, والثانية تلك التي يجد فيها متعة, والثالثة تلك التي يجد نفسه موهوبا وقادرا علي أدائها, وأن ينفق المجال الذي تتقاطع فيه هذه الدوائر إذا استطاع أي المجال الذي يشبه مساحة التقاطع من حيث الضعف والخصائص. السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو ماذا إذا وجد الإنسان نفسه في مهنة لا يحبها وبالتالي لا تشعره بالسعادة ولا يستطيع بسبب ظروف قهرية البحث عما يتواءم مع نفسيته وشغفه ـ وهو الحادث في أغلب تلك الحالات؟ كيف تجعل من عملك هدفا في ذاته وليس مجرد مهنة أو وسيلة لجمع المال؟ يقول علماء النفس إنه إذا ظن الإنسان أن كون العمل من وجهت نظر المجتمع ساميا في ذاته هو الذي يجعل صاحبه سعيدا, هو خطأ كبير, لأن المهم هنا هو رؤية الإنسان لعمله, وأثبتت الدراسات أنه حتي في أكثر المهن بيروقراطية روتينيا يستطيع المرء أن يتعامل مع رؤيته لنفسه ولدوره فيها بحيث تملأ عليه حياته وتكسبه الرضا النفسي, وضرب الكاتب مثلا باثنين من الذين يعملون في تنظيف المستشفيات, أحدهما كان يشعر بتعاسة لتأدية العمل نفسه كل يوم, والثاني كان يصف نفسه بأن قدميه لا تكاد أن تطأ الأرض من السعادة لأنه يعلم أن جزءا من خدمة الناس بتوفير مناخ من النظافة والنظام وأنه يلتقي مع أشخاص جدد كل مرة يدخل فيها مريض إلي المكان, فيتواصل معهم ويخفف من ارتباكهم ويتعلم من آلامهم كيف يقدر النعم والمزايا التي في حياته الخلاصة أنه إذا لم يكن من الإمكان تغيير العمل, يمكن تغيير النظرة إليه من قبل الشخص نفسه ويمكن أيضا إضافة أوجه تزيده معني وعمقا كالتواصل مع الناس أو مساعدة من المكان, والتركيز علي الشق الذي يسعد المرء في العمل أكثر من غيره وهكذا, وبشكل عملي ينصح الكاتب كل ذي مهنة أن يكتب ورقة عليها عبارة هي مواصفات ومعني وجودي في المكان من وجهة نظره وأن يبدأ العمل من هذا المنطلق لا من منطلق مواصفات المهنة الرسمية فحسب.
السعادة في العلاقات الإنسانية اللورد بايرون كان أحد أهم الشعراء البريطانيين والذي اشتهر رغم إعاقة قدمه بوسامته الشديدة وقصصه مع النساء وأكثر من كل ذلك كلماته النافذة إلي الروح من فرط جمالها ورومانسيتها, وهو القائل: السعادة خلقت توءما, لابد علي من يشعر بها أن يشاطرها مع غيره, والفيلسوف فرانسيس بيكون قال إن الصداقة تضاعف السعادة وتشطر الحزن نصفين, بينما أكدت كل الدراسات النفسية أن أهم عنصر في السعادة والاستقرار النفسي هو أن يكون الإنسان محاطا بعلاقات إنسانية واجتماعية عميقة وصادقة, وهنا يؤكد الكاتب علي تطبيق النموذج الرابع من أصناف البشر لتحقيق العلاقات الناجحة, فالترابط بين اثنين يجب حتي يحقق السعادة الحقيقية أن يكون ممتعا في ذاته وحينه ومفيدا لكل منهما في المستقبل, وهذا في مرحلة الاختيار, أما فيما بعد الاختيار فيقول الكاتب إن العلاقات التي مر عليها وقت طويل من الممكن أن تصبح أكثر إثباتا وتحقيقا للسعادة إذا ما ركز كل طرف علي معرفة الآخر بحق لا التأثير عليه أو محاولة كسب إعجابه كما هو الحال في البدايات, فالمعرفة العميقة تجعل كل طرف أكثر إسعادا وتفهما لاحتياجات الطرف الآخر وهنا تكمن السعادة الأعمق, كذلك يؤكد الكاتب ما تشير إليه كل الدراسات النفسية من أن العلاقات الناجحة هي تلك التي لا يأخذها اطرافها كأنها مسلم بها بل يعملون بجهد واهتمام علي تطويرها وتجديدها وأن يتفهم كل طرف احتياجات الآخر بوصفه كائنا له تركيبة مختلفة, فالرجل يحتاج أن يبتعد قليلا ليقترب مرة أخري ويحتاج أن تقدم له المرأة في حياته الإعجاب والاحترام والثقة وألا تقدم له النصح المباشر أو التوجيهات الصريحة, هكذا هو, بينما المرأة تحتاج في تقلباتها المستمرة أن يشعرها الرجل بأنه بجانبها دائما, وألا يكتفي بإظهار مشاعره عن طريق الأفعال لأن المرأة تحب بأذنيها وتطمئن وتسكن بأذنيها أيضا قبل قلبها وأخيرا ينصح الكاتب بأن يقوم كل زوجين بخلق عادة علي فترات متساوية يقومان فيها بكتابة ورقة من كل منهما للآخر فيها ما أسعده وما يشعره به من امتنان من الطرف الآخر مهما يكن بسيطا ومع عدم التركيز علي ماهو سلبي. | |
|