فانديتا"، ثورة فانديتا تجوب العالم
من نيويورك إلى لندن إلى سيدني إلى بوخارست، ومن مدريد إلى القاهرة إلى
التشيك، انطلقت موجات الاحتجاج ضد رجال السياسية والاقتصاد، طلبا للعدالة
الاجتماعية، ورفضا للقمع السياسي، تختلف أوجه المحتجين وثقافةياتهم، ولكن
يجمعهم غضب واحد، وقناع واحد أيضا.
فالصور القادمة من احتجاج غاضب في إحدى المدن الأوروبية، أو فيديو لمظاهرة
احتجاجية في واشنطن، ستجدها مختلفة في الشعارات، والأهداف، و ربما
المطالب، ولكنك ستجد الوجه واحدا.
ذلك هو "فانديتا"، القناع الذي بات رمزا لكل من يريد التعبير عن رأيه، سواء غضبا أم رفضا.
فالقناع الذي يمثل شخصية ''جاي فوكس'' الشهيرة في التاريخ الإنجليزي والذي تعود قصته إلى عام 1605 بات معروفا للجميع في 2012.
تفجير مبنى البرلمان الإنجليزي، كان هدف فوكس منذ نحو أربعة قرون لانهاء
حكم الملك جيمس الأول وإعادة الكاثوليكية إلى بريطانيا، لكن خطته لحفر
سرداب تحت مقر البرلمان لتفجيره كشفت في آخر لحظة، ليتم القبض عليه و
تعذيبه وإعدامه، ولكن ما فشل فيه فوكس عام 1605، نجح فيه V في فيلم V for
Vendentta الذي عرض عام 2005.
فوكس وجد طريقه إلى القرن الواحد والعشرين ليصبح رمزا للتعبير عن الغضب
والاحتجاج، بعد أن ألهمت شخصيته الكاتب البريطاني ألان مور، لتخرج سلسلة
كوميكس تحمل اسم ''V for Vendetta '' التي انتقدت الأساليب القمعية لحكومة
مارغريت ثاتشر في الثمانينات من القرن العشرين.
"لا يجب أن يخاف الشعب من حكومته، ولكن يجب أن تخاف الحكومات من الشعوب"،
ربما تبرر تلك العبارة التي قالها V في الفيلم ظهور قناعه في كل احتجاج
جماهيري غاضب، سواء لتردي الأحوال السياسية واحتجاجا على القمع وطلبا
للحرية أو غضبا من فقر مدقع لم تفلح السياسات الاقتصادية والمؤتمرات
الدولية في رفع أغلاله التي تقيد أيدي الملايين حول العالم وفي كل دولة.
وربما كان "الأنونيموس" وهي مجموعة من قراصنة الانترنت هم أول من استخدم
هذا القناع والظهور به في مظاهرات احتجاجية ضد الفساد والظلم الاجتماعي في
عام 2008، ليتحول القناع إلى وجه دائم لكل المظاهرات والاحتجاجات
الشعبية في أوروبا وأمريكا وصولا إلى ميدان التحرير في القاهرة.
ولا يزال فانديتا متجددا حتى اليوم، فظهر في البرلمان البرتغالي يومي
الخميس والجمعه الماضيين حينما ارتداه عدد من النواب احتجاجا على توقيع
اتفاقية مكافحة التزوير التجاري الذي يرى البعض أنه يشكل خطرا على حرية
الرأي والابداع.
الأمر نفسه تكرر في مدينة براغ التشيكية حيث خرج مئات الشباب في مظاهرات احتجاجا على اتفقية مكافحة التزوير التجاري.
كلمة "فانديتا" التي تعني باللاتينية "الانتقام"، تحولت في مصر إلى محور
حديث ساخر ليس له علاقة بالانتقام! وذلك بعد أن ظهر الاسم في العنوان
الرئيسي لصحيفة حزب "الحرية والعدالة" الجناح السياسي لجماعة لإخوان
المسلمين في مصر، الذي استبدل كلمة "فانديتا" بكلمة "بانديتا"، حيث حذرت
الصحيفة في عددها الصادر بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لثورة 25 يناير من
أن القناع يقود إلى الفوضى!
وبالفعل يعود أصل كلمة فانديتا الإنجليزية للاتينية والتي تعني الانتقام،
وكانت تكتب Vindicta، ولكن الحرف V كان ينطق باللاتينية كالصوت U وفي بعض
المدارس W، مايعني أن الكلمة بالاتينية كانت تنطق اونديكتا، بينما يذهب
علماء اللغة إلى أن حرف V طالما جاء في بداية الكلمة ينطق كالإنجليزية
وتنطق الكلمة فيندكتا