موضوع: منتا كلك عيوب!! الإثنين 17 سبتمبر 2012, 11:43 pm
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .....
ما أكثر ما نشتغل بعيوب الناس ، ناسين أو متناسين أموراً مهمة :
الأولى : أنهم بشر مثلنا ، وأنهم يقعون في الخطأ ويقع منهم الخطأ . الثاني : أننا مُـلئنا عيوباً لو اشتغلنا بها وبإصلاحها لأشغلتنا عن عيوب الناس . الثالث : أن من تتبّع عورات الناس تتبّع الله عورته ، فالجزاء من ثقافة العمل . الرابع : أننا أغرنا على الإنصاف فقتلناه غيلة ! فنظرنا في سيئات أقوام وأكبرناها وأعظمناها ، وكتمنا حسناتهم .
وقديماً قيل :
أرى كل إنسان يرى عيب غيره *** ويعمى عن العيب الذي هو فيه وما خير من تخفى عليه عيوبه *** ويبدو له العيب الذي لأخيـه
روى ابن جرير في تفسيره عن قتادة في قوله تعالى : ( بل الإنسان على نفسه بصيرة ) قال : إذا شئت والله رأيته بصيراً بعيوب الناس وذنوبهم ، غافلاً عن ذنوبه .
ومن كان كذلك فقد تمّت خسارته ، كما قال بكر بن عبدالله : إذا رأيتم الرجل موكلاً بعيوب الناس ، ناسيا لعيبه ، فاعلموا أنه قد مُـكِـرَ بِهِ .
وكم هو قبيح أن ينسى الإنسان عيوب نفسه ، وينظر في عيوب إخوانه بمنظار مُـكـبِّـر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يبصر أحدكم القـذاة في عين أخيه وينسى الجذل أو الجذع في عين نفسه . قال أبو عبيد : الجـذل الخشبـة العالية الكبيرة . رواه البخاري في الأدب المفرد مرفوعاً وموقوفاً ، وصحح الشيخ الألباني وقفـه على أبي هريرة ، ورواه ابن حبان مرفوعاً - أي من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم - .
ولنتذكّر في هذه العجالة أن الجزاء من ثقافة العمل . روى الديلمي في مسند الفردوس عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : كان بالمدينة أقوام لهم عيوب ، فسكتوا عن عيوب الناس ، فأسكت الله الناس عنهم عيوبهم ، فماتوا ولا عيوب لهم ، وكان بالمدينة أقوام لا عيوب لهم ، فتكلموا في عيوب الناس ، فأظهر الله عيوباَ لهم ، فلم يزالوا يعرفون بها إلى أن ماتوا .
وروى الجرجاني في تاريخ جرجان عن أحمد بن الحسن بن هارون أنه قال : أدركت بهذه البلدة أقواما كانت لهم عيوب ، فسكتوا عن عيوب الناس ، فـنُـسيَت عيوبهم .
قال ابن رجب – رحمه الله – :
وقد روى عن بعض السلف أنه قال : أدركت قوما لم يكن لهم عيوب ، فذكروا عيوب الناس فذكر الناس لهم عيوبا ، وأدركت قوما كانت لهم عيوب ، فكفوا عن عيوب الناس فـنُـسيت عيوبهم ، أو كما قال . وشاهد هذا حديث أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : يا معشر من آمن بلسانه ، ولم يدخل الإيمان في قلبه ، لا تغتابوا المسلمين ، ولا تتبعوا عوارتهم ، فإنه من اتبع عوراتهم ، تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته . خرجه الإمام أحمد وأبو داود ، وخرج الترمذي معناه من حديث ابن عمر .
واعلم أن الناس على ضربين : أحدهما : من كان مستورا لا يعرف بشيء من المعاصي ، فإذا وقعت منه هفوة أو زلة ، فإنه لا يجوز هتكها ولا كشفها ولا التحدث بها ؛ لأن ذلك وهذا هو الذي وردت فيه النصوص وفي ذلك قال الله تعالى : ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ) . والمراد إشاعة الفاحشة على المؤمن فيما وقع منه ، واتّهم به مما بريء منه كما في قضية الإفك . قال بعض الوزراء الصالحين لبعض من يأمر بالمعروف : اجتهد أن تستر العصاة ، فإن ظهور معاصيهم عيب في أهل الإسلام ، وأولى الأمور ستر العيوب . ومثل هذا لو جاء تائبا نادما وأقر بحده لم يفسره ولم يستفسر بل يؤمر بأن يرجع ويستر نفسه ، كما أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ماعزا والغامدية ، وكما لم يستفسر الذي قال : أصبت حدا فأقمه عليّ ، ومثل هذا لو أخذ بجريمته ولم يبلغ الإمام ، فإنه يشفع له لا يبلغ الإمام ، وفي مثله جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم . خرجه أبو داود والنسائى من حديث عائشة .