موضوع: وسقطت ورقه من شجرة العمر الجمعة 24 أغسطس 2012, 4:44 pm
السﻼم عليكم و رحمة الله و بركاته ..}
غريبة هي الدنيا ... سميت دنيا لتدني منزلتها عند الله وحقارتها ... أوضاعها غريبة ... ليل يتبعه نهار ... حياة وموت ... لقاء وفراق ... ضيق وفرح ...
آمال و آﻻم ... بزوغ وأفول ... ومعادلة بسيطة ومتساوية اﻷطراف : ( طفل اﻷمس هو شاب اليوم - هو شيخ الغد )
قال الله تعالى : " و اضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات اﻷرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا "
نعم هذا مثل هذه الحياة الدنيا في سرعة ذهابها واضمحﻼلها وقرب فنائها وزوالها ... هذه الحياة الدنيا ﻻ راحة فيها وﻻ اطمئنان ... وﻻ ثبات فيها وﻻ استقرار حوادثها كثيرة وعبرها غفيرة ... دول تبنى و أخرى تزول ... مدن تعمر وأخرى تدمر ... وممالك تشاد و أخرى تباد ...
وهكذا تسير عجلتها ﻻ تقف لميﻼد وﻻ لغياب وﻻ لفرح وﻻ لحزن ... تسير حتى يأذن الله لها بالفناء ...
وﻻ يملك الناس من هذه الدنيا شيئا إﻻ بمقدار ... نزول المطر ونبات الزرع وصورته هشيما ... بذلك ينتهي شريط الحياة ... ما بين وﻻدة وطفولة وشباب وشيخوخة ثم موت وقبر ...
يطوى سجل اﻹنسان بعجالة وكأنها غمضة عين أو لمحة بصر أو ومضة برق ... " اعلموا إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في اﻷموال واﻷوﻻد "
سراب خادع ... وبريق ﻻمع ... ولكنها سيف قاطع ... وصارم ساطع ... كم أذاقته أسى ... وكم جرعت غصصا ... و أذاقت مرضا ... كم أحزنت من فرح ... وأبكت من مرح ... وكبرت من صبو ... وشابت من صغير ؟! سرورها مشوب بالحزن ... وصفوها مشوب بالكدر ... خداعة مكارة ... ساحرة غرارة ...
كم هم فيها من صغير ... وذل فيها من عزيز ... وترف فيها من وثير ... وفقير فيها من غني ؟! أحوالها متبدلة وشمولها متغيرة ...
يقول عليه الصﻼة والسﻼم " مالي وللدنيا , ما أنا في الدنيا إﻻ برنامجب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها "
ومن وصايا عيسى على نبينا وعليه السﻼم ﻷصحابه قال : ( الدنيا قنطرة فاعبروها وﻻ تعمروها )
وقوله أيضا : " من ذا الذي يبني فوق موج البحر دارا ؟! تلكم الدنيا فﻼ تتخذوها قرارا "
وقيل لنوح عليه السﻼم: ( يا أطول اﻷنبياء عمرا كيف رأيت الدنيا ؟ قال : " كدار لها بابان دخلت من أحدهما وخرجت من اﻵخر "
إنا لنفرح باﻷيام نقطعها ... وكل يوم مضى يدني من اﻷجل !! فإن الموت الذي تخطانا الى غيرنا ... سيتخطى غيرنا إلينا فلنأخذ حذرنا ... هو الموت ما منه مﻼذ ومهرب ... متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب !!
دعونا نحاسب أنفسنا ونستلهم الدروس والعبر مما فات ... دعونا نتساءل عن يومنا كيف أمضيناه ؟! وعن وقتنا كيف قضيناه ؟! فإن كان مافية خيرا حمدناه وشكرنا ... وإن كان ما فيه شرا تبنا إليه واستغفرناه ... ليسأل كل واحد منا نفسه ...
كم صﻼة فجر ضيعتها أو أخرتها ولم أصليها إﻻ عند الذهاب إلى المدرسة أو العمل ؟
كم حفظت من كتاب الله وعملت به ؟ كم يوم صمته في سبيل الله ؟ كم صلة رحم قمت بزيارتها ؟ كم من غيبة كتبت علي ؟ وكم نظرة حرام سجلت علي ؟ وكم فرصة سنحت لي ﻷتوب ولكني لم أتب حتى هذه اللحظة ؟ كم مرة عققت والدي ونهرتهما ؟
وقفة مع حياة اﻹنسان ..} لو ألقينا نظرة خاطفة على حياة اﻹنسان في الدنيا لرأينا العجب العجاب ... والله إني ﻷعجب كثيرا ممن وهب نفسه للدنيا ونسي اﻵخرة وكأنه ﻻ يؤمن بها ... مع علمه بأن المرء ليس له إﻻ عمر واحد ... و أجل محدود ...
ولن يعطى فوق أجله دقيقة واحدة ليعيشها ... ومع هذا يكابر ويتكبر ويسوف التوبة و يلهو بالمعصية ويعيش حياة من ﻻ يموت أبدا !!
أخي / أختي في الله ألست توقن بالموت ؟! ألست تقرأ ( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجﻼل واﻹكرام ) ؟! أما تساءلت أين سيد الخلق الذي لو ترك الموت أحدا لتركه ؟!
( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون ) أين آباءك و أجدادك !! أين الملوك واﻷبطال ؟ أو ليس غيبهم الثرى وتساوى الملوك والصعاليك في أطباق التراب ؟! أما لك فيهم عبرة ؟! أما لك فيهم موعظة ؟! وكفى بالموت واعظا ... ألم تشاهد منظرا للواعظ الصامت ( القبر ) ؟! ألم تشاهد منظرا للموطن الساكن ( القبر ) ؟
اﻹنسان مثله كمثل الشجرة تحمل عددا من اﻷوراق التي هي عمره فكلما سقطت ورقة من هذه الشجرة انقضت سنة من حياة ذلك اﻹنسان
وفي الختــــام ... } لقد كان رسول الله عليه الصﻼة والسﻼم يحب الفأل ... فاقتداء به لنختم يومنا هذا بالتفاؤل ...
وبأن المستقبل لصالح المسلمين ونصرهم على عدوهم وتمكينهم في اﻷرض ... و أن النصر سيكون لﻺسﻼم وأهله طال الزمان أو قصر ...
فينبغي أﻻ يزيدنا مرور اﻷيام إﻻ صﻼحا و إقباﻻ ... وتمسكا بعقيدتنا الصحيحة وثوابتنا ومبادئنا السليمة ...
فهل نعتبر ونجعل أيامنا القادمة صحائف خير ... جدير بنا أن نمﻸها بالحسنات تلو الحسنات ؟؟!!
ولو قدر الله أن تقترف أيدينا وجوارحنا السيئات فعلينا أن نتذكر قوله تعالى : " إن الحسنات يذهبن السيئات "
وقوله عليه السﻼم لمعاذ : " يا معاذ : اتق الله حيثما كنت و أتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن "
أقبل على صلواتك الخمس ... كم مصبح وعساه ﻻ يمسي .. واستقبل يومك الجديد بتوبة ... .. تمحو ذنوب صحيفة اﻷمس