موضوع: هلمّوا نَزدَدُ إيمانًا الجمعة 24 أغسطس 2012, 2:45 pm
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الايمان الحق بالله اذا استحكم فى القلب استحكاما صادقا قذف الله في ذلك القلب نورا يشع على صاحبه , وهداية تدفعه لكل خير , واحساسا يجعله يشعر بمن هم فى حاجة وكرب , وهمًّا يجعله يشعر بهموم الاخرين من حوله ..بل ويتعدى ذلك الى أن هذا الايمان الصادق والمعرفة الحقة بالله تصل بالعبد الى أن يكون عبدا ربانيا يتكلم بكلام الله وينطق برحمات الله ويسعى الى رحمة عباد الله .. ويتحول الى كتلة من النور وشعاعا يشع به على الناس بكل الخير وعظيم السرور. فيلين الجانب , ويساعد المحتاج , ويطبب العليل , ويصنع الخير , ويغلق الشر , ويتحول الى منارة وشامة وعلامة فى دنيا أصابها الزمان بعطب فى نفوس كثير من الناس , فصارت قاسية لاتتأثر ولاتتحرك حتى فى مجرد محاولة تغيير النفس الى مافيه خيريتها قبل خيرية الآخرين .
دعاء ورجاء
اللهم ارزقنا إيمانا حقا وصدقا واجعلنا شامة وعلامة وأئمة فى كل ميدان ولاتجعلنا من القاسية قلوبهم .
وقد منهجت الآيات كوكبة رائعة جميلة لبعض مقتضيات الايمان وشرطية الحصول على الفلاح الذى به وعد الكريم الرحمن : خشوع فى الصلاة . اعراض عن اللغو . إيتاء للزكاة . حفظ للفروج الا على الحلال الذى أباحه الله من الزوجات ومَلكاتُ الأيمان . رعاية وحفظ للأمانات والعهود . محافظة على الصلوات .
* روى عن سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه قوله لأصحابه : هلمّوا نزدد ايمانا .
• وكان سيدنا عبد الله بن مسعود رضى الله عنه يدعو فيقول : اللهم زدنا ايمانا ويقينا وفقها .
الاخلاص طريق ُ المؤمنين :
والاخلاص عند المؤمنين طريقا لا غنى عنه .. فهم يجعلون الله غايتهم ومقصدهم من كل صغيرة وكبيرة .. يسعون ويعملون ويصلون ويعبدون ويفعلون الخيرات من أجل أن يرضى الله - وحده – عنهم .. فهو المقصد من نياتهم وكل تحركاتهم .. فهم قد فقهوا قول نبيهم : إنما الأعمال بالنيات وانما لكل امريء مانوى .... الخ
خلاصة : إن كتب الله لعبده الاخلاص كٌتب باذنه تعالى من المؤمنين . رجاء : اللهم إجعل أعمالنا لك خالصة ولوجهك متجهه وعندك مُتقبّلة وارزقنا بحقّها رضاك .
صلاة المؤمنين :
إن المؤمنين فى صلاتهم يخشعون وعليها دائما يحافظون .. انها المجاهدة الضرورية التى يمارسها المؤمنون فى صلواتهم حتى اتصفوا بصفة المؤمنين .. فالخشوع فى الصلاة , والمحافظة عليها , ماهو الا تذلل للخالق و خوف من شديد البطش و سكون الى الرحمن الرحيم.
و الخشوع فى الصلاة والمحافظة عليها ماهما الا ثمرة لممارسات سبقتهما حتى أدت اليهما ووصفت المؤمنين بوصفيهما .
هكذا خشعوا .. وهكذا عليها حافظوا :
(*) استحضروا جلال وهيبة وعظمة الله عند سماع صوت المؤذن يعلو الله أكبر , وآمنوا أنه سبحانه أكبر من كل عمل يمارسونه فى وقت صلاتهم , فتركوا الأعمال وشدوا الى الله الرحال والي مُصلّاهم وقبلتهم جلسوا باطمئنان , يستبشرون ببيعهم الذى بايعوا , فلقاء الجليل حان , والأبواب فُتحت من الجنان , والهرب الأكيد للشيطان كان , واذا قضى الله الأجل كان منه الرضى وحسن الختام والرضوان . (*) استجمعوا تفكيرهم وطاقاتهم مع الامام وتدبروا الأيات.. فوجدوا وعدا ووعيدا استدعى تعوذّهم منه .. ووجدوا جنة ونعيما إستدعى تشوقهم وطلبهم وسؤالهم . (*) قللوا من حركات الجسد أثناء الصلاة فلم يزيدوا عن الثلاث ... وعلموا أن من خشع قلبه خشعت جوارحه وسكنت عن الحركة , وصارت معلقة بأعالى الجنان . (*) استحضروا أن هذه الصلاة التى يصلونها هى آخر ماسيكون من صلاة فجعلوها صلاة توديع ووداع . (*) اغلقوا هواتفهم المحمولة لإيمانهم بأن الصلاة صلة بالله ومع الله ويجب قطع غيرها من الاتصالات مع الناس . (*) نظروا محل سجودهم ولم يلتفتوا يمنة ولا يسرة ... وكأن على رؤوسهم طيرا .
المحاسبة سمت المؤمنين
إزداد المؤمنون ايمانا بأن عاشوا عَيش الصالحين الربانيين , فداوموا على محاسبة أنفسهم حسابا شديدا , لإيمانهم بأنها الدواء من كل داء , والشفاء من كل سقم وبلاء , والمطهرة للبدن , والرافعة للشأن والقدر , عند مليك مقتدر بل وعند كل البشر , وأنتبهوا بأن الأيام مُسرعةُ , والشهر والشهران يتبع بعضهما بعضا وكأنهما ينطويان طياَّ .. فكانت محاسبتهم شاملة لكل مجريات اليوم من أمور تتعلق برب الجلال وأخرى تتعلق بعباده سبحانه وتعالى ..
متذكرين فى ذلك امام التقوى علياّ ابن ابى طالب كرم الله وجهه عندما سُال عن التقوى , ماالتقوى يا إمام ؟ فقال : هى الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والاستعدادا ليوم الرحيل ) .
ولماّ آمن المؤمنون بأهمية التقوى أوقفوا أنفسهم عندها وراجعوها , فتحققت فيهم خيرية عظيمة ..
(*) إن المؤمنين يحاسبون أنفسهم على صلاة الفرائض .. أكانت على وقتها وبخشوعها وبحقها . (*) إن المؤمنين يحاسبون أنفسهم على السنن الراتبة .. هل أتمموها بثنتى عشرة ركعة ليفوزوا بقصر فى الجنة أم حرموا أنفسهم من قصرهم فى يومهم . (*) المؤمنون اذا وقعوا فى غيبة ونميمة استغفروا وأنابوا ورجعوا وكفّروا عن ذلك. (*) المؤمنون اذا أساءوا لأحد بفعالهم أو بألسنتهم راضوهم وأكرموهم , وتحببوا اليهم تحاببا , وتصافوا معهم تصافيا , ولم يناموا يومهم وهم يحملون بغضا لغيرهم طمعا فى جنة ربهم . (*) المؤمنون يتصدقون وينفقون لربهم , ويحبون العمل لدينهم وهم خير من يفقهون قوله تعالى : ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة , فأنفقوا لتكون لهم الجنة , وعملوا لدينه لينالوا شرف التأسى بالأنبياء , لتربح بذلك تجارتهم مع الله عز وجل .. يرجون تجارة لن تبور . (*) المؤمنون اذا أذنبوا إستغفروا وتابوا واستشعروا رضى ربهم ورحمته ولم يسوّفوا ولم يؤجلوا ولم يقولوا للانابة والرجعة غدا موعدنا .
وهكذا راقبوا أنفسهم وحاسبوها , إيمانا منهم ويقينا بأنه من يحاسب اليوم نفسه هان عليه الحساب يوم الحساب.
الاستقامة طموح المؤمنين :
فالمؤمنون ما أن ينتهون من الطاعة الا ويدخلون فى غيرها .. ويترجمون على الدوام بما تحمله قلوبهم من الايمان .. فالاستقامة ترجمة فعلية لايمان القلوب . ( قل آمنت بالله ثم استقم ) ..
والمؤمنون يكثرون من دعاء الفاتحة : اهدنا الصراط للمستقيم . وهم خير من يعلمون قول خالقهم : وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقا ...
خاتمة ودعاء اللهم إنك سألتنا من أنفسنا ما لا نملكه إلا بك . اللهم أعطنا منها ما يرضيك عنا .واجعلنا من المؤمنين حقا وصدقا .. اللهم سّيرنا ولا تخّيرنا . اللهم خُذ منا وتول أمرنا عنا .اللهم أشغلنا بك وهب لنا هبة لا سعة فيها لغيرك إنك أنت العزيز الوهاب .اللهم اقطع عنا كل قاطع يقطعنا عنك. اللهم تَوَلَّنا ولا تُوَّلِ علينا غيرك . اللهم إنا نرجو رحمتك ونخشى عذابك. اللهم اجعلنا من المرحومين ولاتجعلنا من المطرودين. اللهم يامن يملك حوائج السائلين ويعلم ضمائر الصامتين فإن لكل مسألة منك سمعاً حاضراً وجواباً عتيدا ولكل صامت منك علماً ناطقاً محيطاً نسألك بمواعيدك الصادقة وأياديك الفاضلة ورحمتك الواسعة أن تجعلنا من المؤمنين وعلى هدى سيد المرسلين . اللهم أُنزلنا بك حاجتنا وأنت عالم بها اللهم اقضها في السماء حتى تُقضى في الأرض ... آآمين ... برحمتك ياأرحم الراحمين .