الحديث دليل على فضل العمرة في رمضان وأنها تعدل ثواب حجة ، وهذا من فضل الله تعالى ونعمه على عباده ، فقد صارت العمرة بمنزلة الحج في الثواب بانضمام رمضان إليها ، وهذا يدل على أن ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت ، والله تعالى منعم متفضل ، يتفضل بما شاء على من يشاء فيما شاء لا معقب لحكمه ولا راد لفضله .
والعمرة تحصل بأداء مناسكها ولو لم يمكث المعتمر بعدها في مكة لكن من وفقه الله تعالى للبقاء بجوار بيته الحرام شهر رمضان ، أو ما يتيسر منه فقد مُنح نعمة عظيمة لا يقدر قدرها إلا الصالحون المشمرون الذين يدركون قيمة الأوقات الشريفة والأماكن الفاضلة .
إن وجود الإنسان بجوار بيت الله الحرام في هذه الأيام المباركة له أثر كبير في نشاط المسلم وعبادته وإقباله بالكلية على الله تعالى ، معرضاً عن الدنيا بجسمه وفكره حافظاً لوقته ، سهل عليه فعل الطاعة والإقبال على الصدقة والصلاة والذكر وتلاوة القرآن .
وقد جاء في فضل الصلاة في المسجد الحرام قول النبي صلى الله عليه وسلم : " صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام " رواه البخاري (1190) ومسلم (1256).
فعلى المسلم أن ينظم وقته وأن يحفظه ويغتنمه في الأعمال الصالحة لشرف المكان والزمان .
وما هي إلا أيام معدودات تنقضي سريعاً ، يربح فيها الممتثل المطيع ، ويخسر فيها العاصي المضيع ، وعليه أن يصلي التراويح خلف الإمام ولا ينصرف قبله ليكتب له قيام ليلة ، ومن صحب أهله فعليه أن يحفظهم ويتفقدهم ، فإن من الناس من يهمل نساءه وأولاده من بنين وبنات فهم في لهو ولعب وخروج للأسواق وتسكع في الطرقات وإيذاء لعباد الله ، وفي هذا فساد عريض .
وهذا من ضعف القوامة وغلبة النساء والأولاد نسأل الله السلامة ، ومثل هؤلاء الأولياء بلدهم خير لهم لو كانوا يعلمون .
وعلى الإنسان أن يمنع نساءه من التطوع بالطواف طوال أيام رمضان لما في ذلك من المحاذير العظيمة نتيجة الزحام طوال الأيام ، بل إنني أنصح الرجل نفسه ألا يكثر من الطواف أوقات الزحام بل يدع المجال لمن يطوف طواف النسك ، وعليه أن يشتغل بالصلاة وتلاوة القرآن وغير ذلك من أنواع الطاعة .
أنظر كتاب ( أحاديث الصيام .. للفوزان ص 71 )
وعلى المرأة المسلمة أن تعلم أن صلاتها في منزلها أفضل من صلاتها في المسجد سواء في مكة أو في غيرها لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : " لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن " رواه أبو داوود (567).
قال الشيخ ابن عثيمين : " السنة تدل على أن الأفضل للمرأة أن تصليّ في بيتها في أي مكان كانت سواء في مكّة أو غيرها ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ، وبيوتهن خير لهن ) ، يقول ذلك وهو في المدينة مع أن المسجد النبوي الصلاة فيه زيادة فضل ، ولأن صلاة المرأة في بيتها أستر لها وأبعد عن الفتنة وكانت في بيتها أولى وأحسن " . انظر الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة ،ج/1 ص/207 ، ويراجع سؤال رقم (3457) ..
وتضعيف الصلاة في الجماعة خاص بالرجال ، وقد قال عليه الصلاة والسلام للمرأة : " قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلاةَ مَعِي ...وَصَلاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ ..) الحديث رواه أحمد ( مسند باقي الأنصار/25842) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم 337
ولكنّ هذه الأفضلية لا تمنع من الإذن لهنّ من الذهاب إلى المساجد كما في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " لا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ إِذَا اسْتَأْذَنَّكُمْ إِلَيْهَا قَالَ فَقَالَ بِلالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ قَالَ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ فَسَبَّهُ سَبًّا سَيِّئًا مَا سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ وَقَالَ أُخْبِرُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقُولُ وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ " رواه مسلم 667
ولكنّ ذهاب المرأة إلى المسجد يشترط فيه ما يلي :
1- أن تكون بالحجاب الكامل
2- أن تخرج غير متطيّبة
3- أن يكون ذلك بإذن الزّوج
وأن لا يكون في خروجها أيّ مُحرّم آخر كالخلوة مع السّائق الأجنبي في السّيارة ونحو ذلك .
فلو خالفت المرأة شيئا مما ذُكِر فإنه يحقّ لزوجها أو وليها أن يمنعها من الذّهاب بل يجب ذلك عليه .
وقد سألت شيخنا الشيخ عبد العزيز عن صلاة التراويح هل لها على وجه الخصوص أفضلية للمرأة في صلاتها في المسجد فأجاب بالنفي وأنّ الأحاديث في أفضلية صلاة المرأة في بيتها عامة تشمل التراويح وغيرها هذا والله تعالى أعلم .
ونسأل الله لنا ولسائر إخواننا المسلمين الإخلاص والقبول وأن يجعل عملنا على ما يحبّ ويرضى وصلى الله وسلم على نبينا محمد .