رسالة عاجلة إليك يا إمام المسجد:

اعلم أيها الأخ المبارك أنك على ثغرة من ثغرات الإسلام، بل في صرح من أعظم صروح الدعوة، ولك في هذا - بإذن الله - الأجر الجزيل فـ((من دل على خير فله مثل أجر فاعله))1، ولا بد عليك أيها الإمام المبارك أن تستغل فرص العمر للدعوة إلى الله، ومن أعظم تلك الفرص هي شهر رمضان، إذ فيه تفتح أبواب الجنان، وتغلق أبواب النيران، وتصفد مردة الشياطين؛ لهذا تجد الناس مقبلين على العبادة، على المساجد، على الخير، رقيقة قلوبه، لينة أفئدتهم، جميلة طباعهم؛ فشمر عن ساعد الجد لكسب أكبر عدد ممكن من الناس إلى دوام العبادة، ومواصلة الطريق إلى الله، لذا أحببنا أن نساهم معك بهذا الاقتراح الطيب الذي يزيد من رصيد حسناتك في هذا الشهر العظيم المبارك - بإذن الله -، وهذا الاقتراح هو:

تكوين حلقة قرآنية لكبار السن:

حيث يمكن لإمام المسجد أن يقوم بالتنسيق بشكل فردي أو جماعي مع من يتوسم فيه الخير ممن يصلي معه في نفس المسجد من كبار السن، وذلك لإقامة حلقة لقراءة القرآن، وحفظ ما يمكن حفظه؛ استغلالاً لهذا الوقت المبارك، والزمان الطيب.

"أهداف تدريس القرآن لكبار السن:

1- توثيق الصلة بين المتعلم وكتاب الله - تعالى - ليضمن استمرار سلامة الفطرة.

2- تثبيت الإيمان بالله بتوحيد الألوهية والربوبية وتوحيد الأسماء والصفات.

3- تربية ملكة التأمل والنظر في آيات الله ومعجزاته في النفس والكون من حوله.

4- الإيمان الصادق والتسليم المطلق بكل ما في القرآن {أفَلا يتَدَبّرونَ القرآنَ أم على قلوبٍ أقفالها}2.

5- تنمية قدرة الدارس على التلاوة الصحيحة تحقيقاً لقوله - تعالى -: {ورَتل القُرآن تَرتِيلاً}3.

6- تنمية ملكة التذكر، وتنمية القدرة على الاستدعاء المنظم للمعلومات المحفوظة.

7- تنمية القدرة على التعبير الصحيح، وتقويم اللسان من اللحن في اللغة.

8- تربية الدارسين على اتخاذ القرآن سلوكاً وطريقة لهم ((كان صلى الله عليه وسلم خلقه القرآن))"4.

ملاحظات لا بد من مراعاتها لمن يدَّرس الكبار:

أخي رعاك الله: إن التعامل مع كبار السن هو تعامل مع أناس مكتملة عقولهم، ناضجة أفهامهم (هذا على الأغلب)؛ لذا كان لا بد لك من الانتباه حين التعامل معهم إلى عدة أمور، منها:

"1- الابتسامة كنز لا يكلف درهماً.

2- ترفّع عمّا في أيدي الطلاب تكن محبوباً لديهم.

3- اجعل الطالب يشعر بأهميته لديك.

4- معلم الكبار يقبل عذر من يأتيه معتذراً"5.

من طرق تدريس الكبار:

تدريس الكبار ليس كتدريس الصغار، فكل له طرقه وأساليبه التي تختلف عن بعضها البعض، لذا كان لا بد من مراعاة ذلك، للوصول إلى الهدف المنشود، ومن هذه الطرق في تدريس الكبار:

"أولاً: طريقة العرض للطلاب الكبار الذين يعرفون القراءة والكتابة:

بالنسبة للطلاب الذين يعرفون القراءة من المصحف؛ تستخدم معهم طريقة العرض من المعلم وذلك كما يلي:

1- تحديد المقدار الذي يستطيع الطالب حفظه في جلسة واحدة، مراعياً في تحديده لهذا المقدار:

أ- تناسبه مع قدرة الطالب.

ب- نشاطه وهمته ودرجة إقباله.

ج- وقته وانشغاله لا سيما إن كان مسؤولاً أو صاحب أسرة.

د- زمن الحلقة ومدى سهولة الآيات.

2- يقرأ المدرس ذلك المقدار أمام الطالب، والطالب يردد خلفه مع المتابعة في المصحف، ويمكن أن يدع المدرس الطالب يقرأ عليه المقطع من المصحف وهو يستمع إليه، ويصوب خطأه، ويُقوّم أداءه.

3- في حالة تبين المدرس صعوبة الكلمات على الطالب، وعجزه عن قراءتها من المصحف؛ فإنه يقوم بتلقينه إياها؛ حتى يتمكن الطالب من قراءتها بشكل جيد"6.

ثانياً: طريقة التلقين: وتنقسم إلى قسمين:

"1- التلقين الفردي:

وهو التلقين لطالب واحد؛ أي يقرأ المعلم الآية ويرددها الطالب بعده، وهذه الطريقة هي الأصلح للطالب بلا شك، فإن كان لدى المعلم عدد قليل من الطلاب؛ فالأصلح لهم أن يقرئ المعلم كلاً منهم على انفراد؛ حتى يتم الضبط والإتقان.

2- التلقين الجماعي:

وهي قيام المعلم بتلقين مجموعة من الطلاب بأن يقرأ لهم الآية ثم يرددها الطلاب خلفه؛ حتى يضبطونها، وهكذا حتى يتم الحفظ والإتقان"7.

وهناك طرق أخرى فلتراجعها أيها الإمام في مظانها، وهذا إنما هو تنبيه منا لك.

نسأل الله - عز وجل - أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، والحمد لله رب العالمين.