القط البري أو السنور البري أو الهر البري سنّور صغير الحجم ينتشر عبر معظم أوروبة، القسم الغربي من آسيا، و إفريقيا، و هو السلف الأساسي لجميع سلالات الهررة المستأنسة اليوم. و القطط البرية حيوانات صيادة بامتياز فهي تصطاد العديد من أصناف الثدييات الصغيرة، الطيور، و غير ذلك من الحيوانات المماثلة في الحجم. هناك العديد من السلالات لهذه الفصيلة و التي تتوزع عبر الكثير من مناطق و دول العالم القديم، و تصنف القطط المستأنسة على أنها سلالة للقط البري في العديد من الأحيان، بينما يرى بعض العلماء أن الهررة الأليفة تعتبر فصيلة مستقلة عن البرية على الرغم من أنها تتحدر منها، و ذلك بسبب التغيرات الجذرية التي حصلت لها منذ إستئناسها حيث أصبح هناك العديد من السلالات المستأنسة الأكبر أو الأصغر حجما أو المختلفة شكلا عن تلك البرية. وقد تم إدخال القطط المستأنسة إلى جميع قارات العالم المأهولة و معظم الجزر الكبرى حيث غدت وحشيّة في الكثير من دول تلك المناطق.
تعتبر هذه الحيوانات متأقلمة مع العيش في مساكن متنوعة في موطنها الأصلي مثل السفانا، الغابات المفتوحة، و السهوب، و يكون لون القط البري بنيا مخطط بخطوط سوداء على العكس من نجله المستأنس الذي يأتي في ألوان و أشكال متنوعة. يتراوح حجم الهر البري بين 45 و 80 سنتيمتر (18 - 32 إنش) و يزن مابين 3 و 8 كيلوغرامات (6 - 17.6 أرطال) بينما يصل معدل الإرتفاع عند الكتفين إلى حوالي 35 سنتيمتر (14 إنش) و طول الذيل إلى حوالي 30 سنتيمتر (12 إنش)، و تكون السلالات الإفريقية أصغر حجما و أبهت لونا من تلك الأوروبية و الآسيوية في العادة.
يعتبر القط البري حيوانا خجولا بطبيعته، فهو يتفادى الإقتراب من المستوطنات البشرية إجمالا، و يعيش حياة إنفرادية و لا يختلط بغيره من القطط سوى للتزاوج، و يسيطر كل قط على حوز تبلغ مساحته حوالي 3 كم².
تفترض إحدى الدراسات التي قامت بها المؤسسة القومية لأبحاث السرطان أن جميع الهررة المستأنسة في العالم اليوم تتحدر من مجموعة من الهررة البرية التي إعتادت العيش قرب البشر منذ حوالي 10,000 سنة في مكان ما في الشرق الأوسط و يرجح بأن ذلك المكان هو مصر. ومن السنوريات الوثيقة الصلة بالقط البري قط الرمال.
المسكن :
تعيش القطط البرية الإفريقية في جميع أنحاء إفريقيا حيث تتواجد في مختلف أنواع المساكن عدا غابات الأمطار، وفي الصحاري تعيش هذه الحيوانات في المناطق الجبلية منها و الممرات المائية،
و يمكنها العيش أيضا في الجبال وصولا لإرتفاع 3000 متر.
وفي آسيا تتواجد الهررة البرية في أراضي الأشجار القمئية بشكل رئيسي إلا أنها أيضا تعيش في مختلف أنواع المساكن عدا الأراضي العشبية الجبلية و السهوب، وفي أقصى شمال موطنها الآسيوي تتحكم كثافة الثلج بأعداد هذه الحيوانات حيث تقل كلما كان الثلج أكثر كثافة و تزيد كلّما يقل و ذلك عائد إلى صعوبة تنقلها عليه كلّما إزداد كثافة، كما و تتواجد القطط البرية الآسيوية في الجبال وصولا لعلوّ 3000 متر وهي غالبا ما توجد بالقرب من مصادر المياه.
و توجد السلالة الأوروبية في الغابات النفضية بشكل رئيسي كما يمكن رؤيتها في الغابات الصنوبرية في بعض الأحيان، إلا أن هذه الغابات تعتبر موطنا ثانويا لها إجمالا، وكما في آسيا فإن كثافة الثلج تتحكم بأعداد هذه الحيوانات في شمال أوروبة حيث لا تستطيع أن تعيش في المناطق التي تزيد فيها كثافة الثلوج عن 20 سنتيمتر لأكثر من 100 يوم. كما و تشاهد هذه الحيوانات في المناطق الزراعية المخصصة لرعي الماشية، وفي مناطق الآجام و السواحل إلا أنها تبقى دائما بعيدة عن المستوطنات البشرية.
العادات :
التناسل
عندما تهتاج الأنثى ثقافةيا، تقوم الذكور بالتجمع من حولها و تتنافس فيما بينها لتصل إليها، فتقوم بالعويل و الفحيح و إستعراض حجمها قبل أن تتقاتل بحال فشلت جميع هذه المحاولات لإخافة خصومها. وقد تتزاوج الأنثى مع عدة ذكور و بالتالي يمكن أن يضم البطن الواحد صغاراً لعدة أباء.
تتزاوج القطط البرية في أوقات مختلفة من السنة بناء على إختلاف مناخ المنطقة التي تقطنها، ففي أوروبة يحصل التزاوج في أواخر الشتاء (يناير إلى مارس) و تحصل الولادات خلال الربيع في شهر مايو إجمالا، أما في آسيا فإن هذه الحيوانات تتزاوج على مدار السنة كما أظهرت العديد من الدراسات، وفي إفريقيا يمتد موسم التزاوج من سبتمبر إلى مارس. تحمل الأنثى لفترة تمتد بين 56 و 68 يوما و تلد مابين صغيرا واحدا و 8 صغار في جحر محمي غالبا ما يكون تحت الصخور أو بين النباتات الكثيفة. تصل الإناث لمرحلة النضوج الثقافةي عند بلوغها 10 أو 11 شهرا بينما تبلغ الذكور مابين شهرها التاسع و الثاني و العشرين.
تولد الصغار عمياء و غير قادرة على المشي، ومن ثم تتفتح أعينها عند بلوغها 10 أيام و تستمر بالرضاعة لفترة تمتد بين 4 و 12 أسبوعا. تبقى الصغار مع أمهاتها لحوالي 4 إلى 10 شهور (5 في العادة) و تتعلم خلال هذه المدة مهارات الصيد و البقاء التي تحتاجها، وقد تقوم الوالدة بتعليم أولادها كيفية الإمساك بالطريدة عن طريق إحضار طرائد مجروحة أو صغيرة لتمرنها بها، و بعد فترة تقوم الوالدة بطرد أولادها من حوزها لترغمهم على الإستقلال عنها و السيطرة على حوز خاص بهم. لا تلعب ذكور القطط البرية أي دور في تربية الصغار، بل على العكس من ذلك فإن الذكر قد يقتل الهريرات بحال عثر عليهم ولم تكن الأنثى بجانبهم و ذلك عائد إلى أنه لا يكون متيقن بالغريزة من أن جميع الصغار أولاده بعد أن تزاوجت الأنثى مع ذكور أخرى، فيقضي عليها لكي لا يبقي على ذريّة غيره من الذكور المنافسة.
تعيش الهررة البرية لحوالي 15 سنة في البرية، إلا أن معظمها يموت قبل أن يبلغ عامه الأول، أما القطط الأليفة فتعيش لفترة طويلة قد تبلغ أكثر من 30 سنة في حالات إستسنائية، و ينطبق الشيئ نفسه على القطط البرية المأسورة.
طرق العيش و الحمية
تنشط الهررة البرية و المستأنسة على حد سواء خلال الليل أو خلال الفجر و الغسق في العادة، إلا أنها تنشط خلال النهار أيضا في المناطق التي يقل فيها النشاط البشري، و السلالات الآسيوية من هذه الحيوانات على وجه التحديد تنشط بشكل شبه دائم خلال النهار . تتنقل القطط البرية لمسافات شاسعة خلال الليل بحثا عن الطرائد، وقد تم تسجيل حالة واحدة لهر بري أوروبي تنقل لمسافة 10 كيلومترات في ليلة واحدة، و تعتبر هذه الحيوانات إنعزالية تفضل العيش بمفردها دوما على العكس من القطط المستأنسة التي تعتبر إجتماعية بشكل أكبر من أسلافها حيث تعيش في بعض الأحيان في مجموعات عائلية بحال إجتمعت مع بعضها في مكان معين لفترة طويلة و حصلت على ما يكفيها من الطعام.
تتألف حمية القط البري و المستأنس كما حمية العديد من السنوريات الصغيرة الأخرى، أي من القوارض الصغيرة إجمالا من شاكلة الفئران و الجرذان و الأرانب التي يظهر بأن هذه الحيوانات تفضلها على أصناف أخرى من الطرائد في بعض المناطق مثل ما يحصل في الكثير من الدول الأوروبية حيث تقتات القطط البرية الأوروبية على الأرانب بشكل أساسي. ومن الطرائد الأخرى للهر البري الطيور، الحافريات الصغيرة، الزواحف، البرمائيات، البيض، الحشرات الكبيرة و العنكبيات، وفي آسيا تقتات هذه الحيوانات أيضا على اليرابيع، العضل، فئران الحقل، و الفئران. وقد تمت رؤية بعض القطط من السلالة الأوروبية وهي تقمم الجيف، إلا أن هذا السلوك نادرا ما يشاهد لدى السلالات الآسيوية و الإفريقية، و يعرف عن الهررة بأنها تأكل الأعشاب أحيانا لتنظف معدتها من البقايا التي لا تهضم مثل العظام، الفرو، و الريش. تقوى القطط البرية على الإمساك بفريسة تماثلها حجما وهي دائما ما تتفادى الطرائد الشائكة و المدرعة أو ذات الرائحة النتنة.