موضوع: خلى الناس مبسوطه الإثنين 01 أغسطس 2011, 2:40 pm
اجعل الناس سعداء
كان مريضان هرمان في إحدى غرف المستشفيات.. يعانيان من مرض عضال وكان مسموحاً لأحدهما بالجلوس في سريره مدة ساعة واحدة يومياً بعد العصر..أما الآخر فكان مرضه يلزمه أن يبقى مستلقياً على ظهره طيلة الوقت. ولحسن حظ المريض الأول كان سريره جوار نافذة وحيدة في الغرفة. كان المريضان يقضيان الوقت في الأحاديث المتقطعة ، دون أن يرى أحدهما الآخر، لأن كلاهما مستلق على ظهره ناظراً إلى السقف.. تحدثا عن أهليهما، وبيتيهما، وتاريخ حياتهما، وعن كل شيء كان المريض الاول حين يسمح له الطبيب كل عصر، يجلس في سريره وينظر عبر النافذة، ويصف لصاحبه العالم في الخارج.. صار المريض الثاني ينتظر هذه الساعة كما ينتظرها الأول، لأنها تجعل لحظاته في تلك الساعة مفعمة بالحيوية وهو يستمع لصاحبه يصف دبيب الحياة في الخارج: فثمة حديقة شاسعة تضم بحيرة كبيرة يسبح فيها البط. وقد صنع الأطفال زوارق من مواد مختلفة وأخذوا يلعبون فيها داخل الماء.. وثمة رجل يؤجِّر المراكب الصغيرة للناس الذين يبحرون بها عبر البحيرة .. وصورة النساء اللاتي أدخلت كل واحدة منهن ذراعها في ذراع رفيقها. و يتمشى الجميع حول حافة البحيرة .. وآخرون جلسوا تحت ظلال الأشجار أو جانب الزهور ذات الألوان الجذابة.. وقد بدا منظر السماء بديعاً يسر الناظرين. وفي أحد الأيام استمع المريض البعيد عن النافذة وصفاً من صاحبه لعرض عسكري.. رغم أنه لم يسمع عزف الفرقة الموسيقية وهكذا فيما يقوم الأول بالوصف ينصت الآخر في انبهار.. ويغمض عينيه يتخيل جماليات أخاذة للحياة خارج الغرفة. سعد المريضان كل بصاحبه ومرت الأيام والأسابيع ولكن حدث أن جاءت الممرضة صباح أحد الايام ، فوجدت المريض الذي بجانب النافذة قد انتقل أثناء الليل إلى بارئه. ولم يعلم الآخر بوفاته إلا من خلال حديث الممرضة عبر الهاتف وهي تطلب المساعدة لإخراجه من الغرفة.. حزن المريض على فراق رفيقه أشد الحزن. وعندما صار وحده بالغرفة طلب من الممرضة أن تنقل سريره جانب النافذة. مكان صاحبه الراحل وعندما حانت ساعة العصر تذكر حكايات صاحبه عن العالم الخارجي المتدفق عبر النافذة والذي كان يتحفه به انتحب لفقده صاحبه وقرر أن يحاول الجلوس ليعوض ما فاته في هذه الساعة.. وتحامل على نفسه وهو يتألم، ورفع رأسه رويداً رويداً مستعيناً بذراعيه، ثم اتكأ على أحد مرفقيه وأدار وجهه ببطء شديد تجاه النافذة لينظر الى العالم الخارجي وهنا كانت المفاجأة لم ير أمامه إلا جداراً أصماً من جدران المستشفى، فقد كانت النافذة على ساحة داخلية ،سأل الممرضة إن كانت هذه هي النافذة التي كان صاحبه ينظر من خلالها، فأجابت بأنها هي !! فالغرفة ليس فيها سوى تلك النافذة .. ثم سألته عن سبب تعجبه فقص عليها ما كان يستمتع من صاحبه عما يحدثه من أحاديث النافذة وكان عجب الممرضة أشد، إذ اخبرته أن المتوفى كان أعمى، ولم يكن ليرى حتى هذا الجدار الأصم.. وبعد صمت قالت :لعله أراد أن يجعل حياتك سعيدة