موضوع: يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم الخميس 01 يوليو 2010, 2:33 pm
يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم بســــــــم الله الـــــــرحمـــــــن الــــــــرحيــــــــم الســـــــــــلام عليـــــــــــكم ورحمــــــــه الله وبـــــركـــــانـــــــــــه
يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم - الشيخ محمد بن صالح العثيمين
يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم
الحمد الله الحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا انزله قيما يهدى للتي هي أقوم ويبشر المومنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً حسنا ماكثين فيه أبدا وينذر به قوما لدا خصمين خصما واشهد أن لا الله وحده لا شريك له شهادةً ينال بها مخلصها من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا واشهد أن محمدا عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه وأقوم الناس في عبادة ربه وأشدهم منهجا صلى الله عليه وعلى آله واصحابه ومن بهداه مهتداً فنجا وسلم تسليم كثيرا
أما بعد
أيها المسلمون فقد قال الله عز وجل (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) أيها المسلمون ما هذه الموعظة التي جاءت من ربنا عز وجل ذلكم الرب الرحيم بعباده الروؤف بهم اللطيف بهم ما هذه الموعظة أن هذه الموعظة هي كتاب الله عز وجل هذا القران الذي تقرؤونه صباحا ومساءٍ وما تضمنه من أخبار صادقه نافعه واحكام عادله مصلحه تصلح الخلق في دينهم وتصلح الخلق في دنياهم انه موعظة أن القران موعظة يتعظ بها العبد فيستقيم على أمر الله ويسير على نهج الله وشريعته انه والله شفاء لم ما في الصدور وهى والقلوب شفاء لها من مرض الشك والجحود والاستكبار عن الحق أو على الخلق شفاء لها من الوساوس والقلق شفاء لها من الشك والحيرة شفاء لما في الصدور من الرياء والنفاق والغل والحقد والبغضاء والعداوة للمؤمنين انه شفاء لما في الصدور من كل مرض يلم بالقلب فلا عيش أطيب من عيش المتعظين بالقران المهتدين به ولا نعيم أتم من نعيمهم اللهم اجعلنا من المتعظين بكتابك اللهم اجعله شفاءً لما في صدورنا ممخص لذنوبنا مكفر لسيائتنا واجعلنا نحيا به حياة طيبه يا رب العالمين أيها المسلمون لقد قال بعض السلف قول هو فيه صادق قال : لو يعلم الملوك وابناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف يعنون ما في صدورهم من الانشراح والإيمان بالله والنور بالإيمان والعلم انه النور بالأيمان والعلم انه طيب القلب وسرور النفس لا يمكن أن يساويه إي سرور من سرور الدنيا أيها السلمون أن هذا القران هدى ومنار أن هذا القران هدى ومنار للسالكين يخرجون به من الظلمات إلى النور ويهتدون به إلى خالقهم والى ذلك كرامة الله فهو هدى فهو هدى علم وتوفيق ورحمه ولكن للمومنين به أما المكذبين به والمستكبرين عنه فلا يزيدهم إلى عمى وخسارة كما قال الله تعالى (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عليهم عَمىً أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ) وقال تعالى (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً) أيها الناس أنكم قد تتساءلون كيف يكون الكلام الواحد لقوم هدى وشفاء ورحمه ولقوم آخرين ضلالاً وعمى وخسارة والجواب عن ذلك بل والجواب على ذلك أن هذا هو ما نطق به القران وهو حق وصدق ونحن نرى في الأمور الحسيه ما يشهد لذلك نرى بعض الطعام يكون لشخص غذاء يزداد به جسمه صحة ونموا ويكون لشخص آخر داء يزداد به جسمه مرضاً وضعفا أرايتم الحلو أن الحلو لذيذ وانه نماء لبعض الأجسام ولكنه للمصابين للمصابين بمرض السكر مرض وضرر هكذا الأمور المعنوية تكون لقوم شفاء ولقوم داء فالقران إذا قراءه المؤمن ازداد به إيماناً لتصديقه بأخباره واعتباره لقصصه وتطبيقه لأحكامه امتثالا لأمر الله واجتناباً لنهى الله فيزداد بذلك علما وهدى وصلاحا وإذا قراءه ضعيف الأيمان ومن في قلبه مرض ازداد رجسا إلى رجسه لشكوكه في صحة أخباره أو غفلته عن الاعتبار بقصصه فيمر بها كأنها قصص عابرة وأساطير امم قابرة لا توقظ له ضميراً ولا تحرك له أراده أو استكباراً عن تطبيق أحكامه وتهاونه بها فلا يمتثل أوامره ولا يجتنب نواهيه تقديما لهواه على طاعة مولاه فيكون القرءان خسارة له لان الحق بان له فخالفه فكان بذلك خاسر لصفقته أيها الناس يقول الله تعالى في الآية الأولى مما سقناه من آيات الله (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) وإنما يحصل للعبد من فضل الله ورحمته بهذا القرءان العظيم من الهدى والرحمة والموعظة وشفاء ما في الصدور لهو الجدير بان يفرح به الأرض لأنه سعادة دنياه وأخرته ليس من الجدير أن يفرح به العبد بحطام الدنيا يحصله على حساب عمل الآخرة فليس المال مخلداً لأصحابه ولا أصحابه مخلدين له أما ما يحصل من فضل الله ورحمته في هذا القران الكريم فهو الخالد الباقي لأصحابه وهو خير مما يجمعون من الدنيا كلها لان غايته الوصول إلى الجنة وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها) هكذا يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اعلم الخلق بما عند الله وهو الناصح الأمين الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه يقول موضع السوط في الجنة وهو مقدار متر فاقل خير من الدنيا كلها وما فيها ليس الدنيا التي عشت فيها فقط ولكن الدنيا من أولها إلى آخرها موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها لان الدنيا وما فيها متاع زائل كحلم نائم أما ما في الجنة فباقي لا يزول كما قال الله تعالى (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا*وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) اللهم بوأنا من الجنة نزلا واجعلنا من ساكني غرفتها آمنين يا رب العالمين أيها الناس أن كثير منكم أيها الناس أن كثيرا منكم يسمعون ما يتلى من كتاب الله وما يؤثر من سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الأخبار الصادقة والأحكام العادلة يسمعون ذلك من الخطباء والوعاظ في المساجد وغيرها ولكنهم للأسف الشديد لا يزدادون بذلك إيماننا ولا قبولاً للحق ولا انقياداً لطاعة الله وربما يصرحون بالأمر لا يفعلون ما به يؤمرون ولا يتركون ما عنه يزجرون فيصرون على الإثم وهم يعلمون فسبحان الله أهذه حال من هو مؤمن بالله واليوم الآخرة أهذه حال من هو موقن بالثواب والعقاب أهذه حال من لا شك عنده في إيمانه أهذه حال مسلم والإسلام والاستسلام لله تعالى ظاهراً وباطنا والانقياد لطاعته أفيريد أمثال هؤلاء أن تكون أحكام الله وشرائعه تابعه لأغراضهم وما يشتهون أم يريدون أن يكونوا ممن قالوا سمعنا وهم لا يسمعون فان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم ولو اسمعهم لتولوا وهم معرضون أفيرضي هؤلاء الذين هم من أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم دعوة وإجابة أن كانوا صادقين أفيرضي هؤلاء أن يشابهوا من قال الله فيهم (يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا) افيرضى هؤلاء أن يخرجوا عن طريق المؤمنين الذين قالوا (سمعنا وأطاعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) أفلا يتعظ هؤلاء بقول الله تعالى (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) أيها الناس أن كثير من الناس يسمعون أوامر الله في الصلاة والطهارة وفى الزكاة والصيام وفى الحج وبر الوالدين وفى صلة الأرحام والجيران والأقارب في العدل في معاملة الناس وفي الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وفى غير ذلك من شرا يع دين الله وشعائره يسمعون أوامر الله في ذلك كله ويسمعون التوجيهات الآلية في البيع والإيجار و النكاح والطلاق والخصومات وغيرها ويتجاهلون كل ما يسمعون من ذلك ثم يسيرون على ما تمليه عليه أهواءهم فيكون بذلك كمن اتخذ إلهه هواه وكثير من الناس يسمع نواهي الله ورسوله عن التهاون بالصلاة والزكاة والصيام والحج ويسمعون نهى الله ورسوله عن عقوق الوالدين وقطعية الأرحام وإساءة الجوار وعن الجور في معاملته الناس بالكذب والغش وغيرهما وعن ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وعن الربا والتحيل عليه وعن الميسر والمكاسب المحرمة بجميع وسائلها يسمعون النهى عن ذلك كله ويتجاهلون ما يسمعون ويتجاسرون على فعل ما عنه يزجرون متناسين بذلك عظمة الله عز وجل وشدة عقابه كأنهم لم يقرءوا قول الله تعالى ( وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) كأنهم لم يسمعوا قول الله عز وجل (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ) ولم يسمعوا قول الله تعالى (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) مغترين بإمهال الله واستدراجه إياهم بالنعم كأنهم لم يسمعوا قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أن الله ليملي بالظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) وتلى قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) أن هؤلاء الذين يسمعون الحق ويعرضون عنه محرومين من قول الله تعالى (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى) ولهم نصيب من قول الله تعالى (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً) (قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى) أيها المسلمون أن بعض الناس يظنون أن العقوبة هي العقوبة الحسية بالنفس و الأهل والمال والوطن والمجتمع وهذا لاشك انه عقوبة ولكن هناك عقوبة اشد وأنكأ آلا وهى قسوة القلب وأعراضه عن طاعة الله فان الله تعالى يقول: ( فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ )
فنسال الله تعالى أن يعاملنا جميعا بعفوه عباد الله اخضعوا لأوامر الله وان خالفت أهواءكم اجتنبوا نواهيه وان وافقت أهواءكم لا تريدون أن يكون الحق تابعاً لأهوائكم بل إجلعوا أهوائكم تابعة للحق وهو ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأن ذلك هو الخير والبركة والصلاح والرشد ( ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن بهن بل أتيناهم بذكرهم وهم عن ذكرهم معرضون) لو أتبع الحق أهواء الناس لكانت إمورهم فوضى كل واحد يريد أن يستقل برأيه وأن يكون متبوعاً لا تابعاً ولكن الله تعالى تولى بيان ذلك في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)
اللهم أجلعنا ممن اختاروا هداهم على هواءهم اللهم اجعلنا ممن رضوا بشريعتك واطمئنوا بها وانشرحت صدورهم لها فلم يبقوا عنها حولا ولم يرغبوا بها بديلا اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وأرزقنا اجتنابه اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان وأجعلنا من الراشدين اللهم لا تجعلنا ممن زين له سوء عمله فرآه حسنا فاصبح من الخاسرين اللهم أهدنا صراتك المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصلى اللهم على وسلم عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .