موضوع: الأشكال الفنية السابقة على الأيقونات الجمعة 22 فبراير 2013, 11:07 am
الأشكال الفنية السابقة على الأيقونات
فى الواقع أن التصوير بجميع أنواعه كان معروفاً منذ فجر التاريخ ، فمنذ العصر الفرعوني فقد اعتاد المصريون تغطية توابيتهم بطبقة من الجص لتكون بمثابة طبقة تحضير للتلوين عليها ، وأحياناً كان يتم تغطية التوابيت بطبقة من القماش ( الكتان )غالبا ثم يكسو الكتان بطبقة من الجص ثم يتم تلوينها باستخدام الأكاسيد الطبيعية وبأسلوب التمبرا .
ثم نشأ بعد ذالك فن الكرتوناج فى الدولة الوسطى وكان الغرض من هذة الاقنعة ان تكون بمثابة بورتريهات للموتى شانها فى ذلك شان التماثيل الجنائزية وكان الهدف منها أيضا الحفاظ على راس المتوفى (المومياء) وهى مصنوعة فى الغالب من الكتان آو الخيش والجص ثم تلون بألوان التمبرا،أما فكرة التصوير على الخشب ذاته فقد بدأت فى العصر اليونانى الرومانى عندما رسم الفنانون وجوه الموتى بالألوان على لوحات من الخشب توضع على التوابيت تقليداً لما صنعه المصريون القدماء من أقنعه مجسمة.
وقد استمر رسم الوجوه بهذا الشكل فى باكورة العصر القبطى ، وتعتبر وجود الفيوم (" بورتريهات الفيوم ") بمثابة مدرسة خاصة ظهرت فى مصر فى منطقة الفيوم وتمتاز بخروجها عن الإطار المصرى القديم ، وهذه الرسوم ظهرت للمرة الأولى فى النصف الأول من القرن الأول الميلادي ،حيث اكتشف العالم فلندرز بترى بحفائر هوراة شمال هرم امنمحات الثالث الكبير وموقع قصر التية (اللابيرنث) فعثر على جانب من هذة الرسوم ففى هذا المكان وهو من المراكز الهامة بمنطقة الفيوم كان موتى سكان ارسينوى( مدينة التمساح) يدفنون ولقد ادت الحفائر الى اكتشاف مائة وست واربعين مومياء ذات رسوم شخوص بورتريهات وكان من بينها رسوم اسلم ما تكون حالة أروع ما تكون فية فنية وان كانت الكثرة من وجوة الفيوم قد وجدت بمنطقة الفيوم فكثير ما يشار اليها تحت اسم بورتريهات الفيوم وان كانت ثمة مواقع أخرى وجدت فيها تمتد من سقارة شمالا حتى أسوان على حدود مصر الجنوبية وثمة منطقة أخرى تضارع منطقة الفيوم من حيث عدد رسوم الشخوص ونوعها وهى منطقة الشيخ عبادة .
وكانت اللوحات الخشبية فى الوجوه تتخذ عادة من شجر السرو او الجميز بسمك لا يتجاوز ( 1سم ) ثم أصبحت فى العصور اللاحقة بسمك من 0.5 سم الى 2.5 سم ،وطول حوالى 42سم وعرض حوالى 22سم وكان الرسم يتم على الخشب مباشرة وأحياناً بعد وضع طبقة من الجص أو على القماش مباشرة أو بعد تغطية القماش بطبقة من الجص وباستخدام أسلوب التصوير الشمعي فى الرسم حيث كانت تمزج المواد الملونة المسحوقة سحقا جيدا بالشمع وكان ينتج عن هذا النوع من التصوير صورة اكثر قوة وضياء وثراء فى الألوان ويبدو ان استخدام التصوير الشمعي لم ينشا فى مصر بل جاء إليها على ما يبدو عن طريق الهيلينستين الذين كانوا يستعملونه على نطاق واسع هذا على الرغم من ان المصريون القدماء استخدموا شمع النحل لتغطية الصور الجدارية المنفذة بأسلوب التمبرا فى مقابر طيبة بدلا من الورنيش منذ أوائل عصر الأسرة الثامنة عشر ولقد أوضح فحص البورتريهات ان ألياف النخيل كانت تستخدم فى الفرش التى ترسم بها البورتريهات كما اكد( بلينيوس) انه كانت تستخدم آلة حادة كالمكواة لاعطاء بعض التفاصيل فى الملابس والشعر وان كانت البورتريهات تنتمي الى الأسلوب الهلينستيى فى الفن آلا أنها تنتمى الى العقيدة المصرية فى الغرض الذى رسمت من اجله فهى صور جنائزية وجزء لا يتجزأ من المومياء ويوضع ألوح الخشبى على وجه المومياء بحيث تكون ألياف الخشب فى اتجاه رأسي وتثبت فى وضعها من تحت أربطة الجثة.
وتؤكد لندا لانجن أن الأشكال الفنية السابقة على الأيقونات كانت " لوحة المجد " أو " لوراطون " وهى مشتقة من الكلمة اللاتينية laurus) ) وهى عبارة عن لوحة شخصية للإمبراطور وهى تمثل حضور رمزي للحاكم وكان يتم إرسال هذه اللوحات (لوراطون) الى جميع أنحاء الإمبراطورية ويتم تعليقها فى الأماكن العامة ويتم تزيينها بالزهور أثناء مراسم الاحتفال بمناسبة الأحداث السياسية والإدارية وكان يتم حرق البخور و أقاد الشموع أمامها ،وعند ارتقاء إمبراطور جديد للعرش كان يتم إنزال او إهمال او تحطيم لوحة سلفه ولهذه الأسباب لم يبقى من هذه اللوحات الشخصية (لوراطون) سوى النادر وكانت صور الإمبراطور تساوى شخصية الإمبراطور والذي يقدم الاحترام لصور الإمبراطور فانه بالتالي يقدسها لشخصية الإمبراطور ذاته .
وبالرغم من ذلك فهناك اختلاف بين الصور الشخصية للإمبراطور (لوراطون) وصور وجوه الفيوم من جهة وبين الأيقونات من جهة أخرى فالأولى (وجوه الفيوم – لوحة لوراطون ) رسمت فى وجود أصحابها آما الثانية (الأيقونات) رسمت بعد وفاة السيد المسيح والسيدة العذراء والقديسين بسنين كثيرة ,لذا فإننا نجد فى كثير من الأحيان صور الملاك ميخائل مختلفة الشكل ويصعب التعرف عليها آلا من خلال الكتابات التى على الصورة او من خلال بعض الأوضاع التي تميز الملاك ميخائل عن غيره مثل حمله الميزان او السيف.
ونتيجة لسهولة حمل الأيقونات وتغير أماكنها من مكان لأخر . حيث تكون اكثر ثباتا من الرسوم الجدارية التي تزول حيث تتهشم جدران المباني وكذا نتيجة لان الصور سهلة الحمل والاحتفاظ بها داخل المنازل فقد انتشر بعد ذلك فن رسم الأيقونات على اللوحات الخشبية وبدأ يختفي قليلا فن التصوير على الجدران داخل الكنائس.