موضوع: المؤثرات التي أثرت في الفن القبطي الجمعة 22 فبراير 2013, 10:52 am
المؤثرات التي أثرت في الفن القبطي
الفن وليد البيئة والطبيعة وما من فن إلا وقد استوحى مقوماته من عادات الشعب وتقاليده واستلهم خصائصه من ظواهر البلد الطبيعية والجغرافية واستمد أصوله من ظروف الحياة ولونها وتشكلت مميزاته تبعاً لموقع دياره وتراثها الموروث ، وعلى هذا المنوال سار الفن في مصر . وانطلاقاً من هذا نجد أن جميع الحقبات التي مرت على البلاد سواء كانت سياسية أو تاريخية أو دينية ظل الطابع العام للفن ثابتاً وخطوطه العريضة منتظمة ولم يطرأ عليه تغيير بين حقبة وأخرى سوى الانعكاسات الدينية التي استلزمتها العقيدة الجديدة وما اقتبسه من تأثيرات خارجية خلال العلاقات التجارية مع الدول المجاورة أو نتيجة للأحداث السياسية.
ونجد أن الفترة القبطية التي تقع بين العهدين المصريين اليوناني الروماني المتاخم للفرعوني من ناحية والإسلامي من ناحية أخرى والتي تمتد من القرن الثالث إلى القرن السابع كانت لا تزال غير واضحة حتى عهد قريب و كان يكتنفها الكثير من الغموض الذي اصبح به تاريخ الفن المصري القديم أشبه بسلسلة مفصومة تفقد حلقات من وسطها . ونجد أن مؤرخو الفن يرجعون هذا الغموض الذي اكتنفها( الفترة القبطية) إلى وقوعها بين حضارتين عظيمتين هما الفرعونية والإسلامية اللتين غشيتا عليها وطمستا من معالمها فلم تستطع أن تتجنب الأولي أو تصمد أمام الثانية وكما شغل علماء المصريات روعة الفن الفرعوني لا يأبهون إلا به في تنقيبهم يذبحون عنه ما عسي انه يخفيه مما جاء بعده من فن قبطي كذلك شغل علماء الإسلاميات الفن الإسلامي يتقصون ألوان ازدهاره متناسيين ما سبقه وكان عذر هؤلاء وهؤلاء ان الفن القبطي كان يبدو غير مكتمل النضج وانه لم يكن في نظرهم غير امتداد للفن البيزنطي.
والواقع أن دراسة الفن القبطي هي دراسة المخلفات التي تركها شعب مصر قبل ظهور المسيحية بداية من دخول الاسكندر الأكبر مصر حوالي 332 ق.م. واستمرت حتى القرن التاسع عشر الميلادي ، وكان الفن الهلينستى هو الفن السائد قبل الاعتراف بالمسيحية .
وبعد الاعتراف بالمسيحية ديناً رسمياً للبلاد ظهر طابع جديد اختلف عن الفن الهلينستى في أنه لم يجاريه كليه في محاكاة الطبيعة حيث كره الأقباط محاكاة الفن الروماني كما أن عقيدتهم الدينية الجديدة كانت تنهى عن عبادة الأوثان ، لذلك نجد أن الطابع الجديد للفن القبطي اتخذ لنفسه رسوماً رمزية للأشخاص والحيوانات محورة عن الطبيعة حيث أنه يظهر بوضوح مميزات الأشكال فقط ولذلك أطلق عليه البعض الرسوم الكاريكاتورية .
وعلي الرغم مما في آثار الفن القبطي من ادله كثيره تحمل الابتكار والإبداع فلا يزال كثير من علماء الآثار يرمون هذا الفن بالجمود ويستكثرون عليه ان يسمي طرازا بعد ما رأوا فيه من بساطه أولية تقابلها دقه وحسن أداء في الفن الإغريقي الروماني هذا بالرغم من ان الفن القبطي نتاج لا شك ضارع غيره من فنون أخرى بهرت العالم ان لم يكن فاقها وزاد عليها .
غير إن هذه السمات المعبرة ببساطتها عن البيئة المصرية . التي طبعتها بطابعها لم تلبث حين تناولتها محارف أخرى أغر يقيه الطابع أن أخف عليها شيئا من دقة وثراء.
وفيما يلي المؤثرات التي أثرت في الفن القبطي : -
1 - تأثير الفن المصري القديم :
لعب الفن المصري القديم دوراً كبيراً في إبراز شخصية الفن القبطي حيث نجد أن الفن القبطي قد انبثقت أسسه من الفن المصري القديم نفسه وأن هناك ارتباط واضح بين الفنين في الأوضاع التقاليد الفنية وكذلك في الموضوعات وطرق التكوين والتطوير ، ومما ساعد على هذا الترابط القوى تلك المتشابهات العقائدية والتي جاءت وليدة الصدفة في العصريين وهى في كل الأحوال تثبت لنا أن الفن المصري كان أساس دعائم الفن القبطي .
ونجد التأثير المصري القديم في الفن القبطي في تمثيل العذراء وهى تخرج ثديها لترضع المسيح وهو شبيه بالفن المصري القديم حيث نرى المعبودة إيزيس وهى تخرج ثديها لترضع ابنها الإله حورس ، كذلك نلاحظ أن بعض العصى التى يحملها القديسون قد رسم طرفها العلوي بشكل علامة عنخ المصرية وهى علامة تعنى الأبدية والخلود وتحولت إلى صليب ، كذلك فقد انتشر فى العصور المسيحية الأولى استعمال الصور الملونة التى كانت توضع على وجوه المومياء لتسجيل وجه المتوفى حسب ما جرت عادات المصريين القدماء وكانوا يستعملون الوجوه المنحوتة. كما استخدم الفنان القبطي اللون الأخضر كرمز للشر (التنين) كما استحدمة المصري القديم.
2 - تأثير الفن اليونانى الرومانى :
يمكن القول أنه نتيجة لنشأة أول كنيسة فى مصر بمدينة الإسكندرية التى كانت بطبيعتها مركزاً يونانياً هاماً لذلك نجد أن هناك امتزاجا واضحا ظهر بأسلوب جميل وطابع خاص بين الفنين اليوناني الرومانى والقبطى ، ونجد أن أول تأثير للحضارة اليونانية كان فى لغة البلاد حيث كتبت الحروف القبطية بالحروف اليونانية مع الاحتفاظ بسبعه حروف ديموطيقيه أضيفت إلى الأبجدية اليونانية فى أوائل العصر القبطى .
كذلك نلاحظ التأثير اليوناني فى ذلك الخليط من الحرية والليونة والحركة والانسيابية مع تفاصيل فى الرسوم إلى جانب بعض ملامح الجمود والصلابة والقيود المشهورة فى الطابع المصرى القديم . ونستطيع أن نلاحظ ذلك بصورة جلية على بعض الأعمال الفنية القبطية حيث وجدت كلمات يونانية بحتة وهى تعتبر جزءاً من العمل الفنى وكذلك الحال فى قصص البطولات والصراعات والفروسية التى نشأت فى بلاد اليونان ، كما نجد الرموز التى استخدمها الفنان اليونانى مثل الكروم أو شجر العنب التى ترمز إلى كرم " دونيس " إله الخمر عند اليونان فنجد أن المسيح شبه نفسه بالكروم ، وكذلك رسم الطاووس والمرساه " الهلب " وهى ترمز إلى الأمل وهى رموز وأشكال يونانية رومانية .
3 - تأثير الفن الهلينستى والفن البيزنطى :
ليس من الصحيح أن الفن القبطى هو فن بيزنطى كلية بالرغم من أن الفنين قاماً على أساس واحد وهو الفن الهلينستى إلا أن كلا الفنين سلك طريقاً يختلف عن الأخر ونهج نهجاً خاصاً به . وعلى ذلك فقد وجد بالإسكندرية فن أرستقراطي من الدرجة الأولى قوامه الفن الهلينستى والمصرى والذى يلائم الملوك والأمراء هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فن شعبى كان نيتجة امتزاج الفن الهلنيستى والفن المصرى والذى كون قواعد وأصول الفن القبطى . وقد أخذ الفن القبطى عن الفن الهلينستى والبيزنطى سمة الترف والفخامة وكانت مناظره تحوى رسوم الأشخاص والحيوانات الخرافية من التراث الإغريقي والرومانى ورسوم الطبيعة ، كما تأثر الفن القبطى باليزنطى فى مغالاة الفنانين البيزنطيين فى التكوينات الزخرفية من حيث الأحجام والألوان الزاهية والإسراف فى التذهيب.
4 - تأثير الفن الفارسى:
اقتبس الفن القبطى من الفن الفارسى رسوم الأزهار والنباتات والأوراق المجنحة والحيوانات والطيور ورسوم الوجوه الآدمية دون رقاب .
5 - تأثير الفن السورى :
تبادل الفن السوري والفن القبطى التأثير وذلك لخضوع كل من الفنين للحكم البيزنطى وكذلك لتجمع الأقباط مع السوريين أثناء الحج فى الأرض المقدسة " بيت لحم "
المصدر الدكتور عبدالرحمن السروجي
6 - تأثير الفن الإسلامي :
يمكن القول بأن التأثير الإسلامي ظهر بصورة جلية فى الفن المسيحى حيث انتشرت اللغة العربية وخصوصاً فى الرسم على الأيقونات وكذلك كتابة التواريخ الهجرية عليها كما ظهر فن الأرابسك فى التفاصيل المعمارية ، وكذا تأثر الفن القبطى بالفن الاسلامى فى انتشار الأشكال الهندسية والنباتية والأطباق النجمية التى لم تظهر إلا بعد الفتح الإسلامي .